إذا فرغ قال لهم اجلس على سورها قالوا نعم، فامر بالبسط والفرش والرياحين فوضعت عليها، وأمر بالمرازبة فجمعوا واجتمع إليه النقابون ثم خرج حتى جلس عليها فبينا هو هناك إذ انتسفت دجلة البنيان من تحته فلم يخرج الا بآخر رمق، ولما أخرجوه جمع كهانه وسحرته ومنجميه فقتل منهم قريبا من مائة فقال لهم سميتكم وأدنيتكم دون الناس وأجريت عليكم أرزاقي وتلعبون بي، فقالوا أيها الملك أخطأنا كما أخطأ من قبلنا ولكنا سنحسب حسابا نبينه حتى نضعه على الوفاق من السعود قال لهم انظروا ما تقولون قالوا فانا نفعل قال فاحسبوا فحسبوا له ثم قالوا له ابن فبنى وأنفق من الأموال ما لا يدري ما هو ثمانية أشهر كذي قبل فقالوا قد فرغنا فقال أخرج واقعد عليها قالوا نعم، فهاب الجلوس عليها وركب برذونا وخرج يسير عليها، فبينا هو يسير فوقها إذ انتسفت دجلة بالبنيان فلم يخرج الا بآخر رمق فدعاهم، وقال والله لاتين على آخركم ولأنزعن أكتافكم ولأطرحنكم تحت أيدي الفيلة أو لتصدقوني ما هذا الامر الذي تلفقونه علي، قالوا لا نكذبك أيها الملك امرتنا حين انخرقت دجلة وانقصمت طاق المجلس من غير ثقل ان ننظر في علمنا لم ذلك، فنظرنا فاظلمت علينا أقطار السماء، فتردى علمنا وسقط في أيدينا، فلا يستقيم لساحر سحر أولا لكاهن كهانة ولا لمنجم علم نجوم فعلمنا ان هذا أمر حدث من السماء وانه قد بعث نبي أو هو مبعوث فحيل بيننا وبين علمنا لأجله وخشينا ان نعينا إليك ملكك ان تقتلنا فكرهنا من الموت ما يكره
(٣٤)