أن تقولي؟ فقالت: يقول لك - ولم تذكر أحدا -: لا تخاشن 1 أصحابك وشركائك ولا تلاحهم 2 فإنهم أعداءك ودارهم، فقلت لها: من يقول؟ فقالت: أنا أقول، فلم اجترء 3 لما دخل قلبي من الهيبة أن أراجعها، فقلت: أي أصحابي تعنين؟
وظننت أنها تعنى رفقائي الذين كانوا حجاجا معي، فقالت: شركائك الذين في بلدك وفى الدار معك، وكان جرى بيني وبين الذين معي في الدار عتب في الدين، فسعوا بي حتى هربت واستترت بذلك السبب فوقفت على أنها عنت أولئك فقلت لها: ما تكونين أنت من الرضا؟ فقالت: أنا كنت خادمة للحسن بن علي صلوات الله عليهما.
فلما استيقنت ذلك قلت: لأسئلنها عن الغائب، فقلت: بالله عليك رأيته بعينك؟ فقالت: يا أخي! لم أره بعيني، فإني خرجت وأختي حبلى وبشرني الحسن بن علي عليهما السلام بأنى سوف أراه آخر عمرى، وقال لي: تكونين له كما كنت لي وأنا اليوم منذ كذا بمصر، وإنما قدمت الآن بكتابة ونفقة وجه بها إلى علي يد رجل من أهل خراسان لا يفصح بالعربية وهي ثلاثون دينارا، وأمرني أن أحج سنتي هذه، فخرجت رغبة منى في أن أراه، فوقع في قلبي أن الرجل الذي كنت أراه يدخل ويخرج هو هو، فأخذت عشرة دراهم صحاح فيها سكة رضوية من ضرب الرضا عليه السلام قد كنت خبأتها لألقيها في مقام إبراهيم عليه السلام وكنت نذرت ونويت ذلك، فدفعتها إليها وقلت في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة عليها السلام أفضل من أن ألقيها في المقام وأعظم ثوابا فقلت لها: إدفعي هذه الدراهم إلى من يستحقها من ولد فاطمة عليها السلام، وكان في نيتي أن الذي رأيته هو الرجل وأنها تدفعها إليه فأخذت الدراهم وصعدت وبقيت ساعة ثم نزلت فقالت: لك: ليس لنا فيها حق اجعلها في الموضع الذي نويت ولكن هذه الرضوية خدمنا بدلها وألقها في الموضع الذي نويت، ففعلت وقلت في نفسي:
الذي أمرت به من الرجل.