ولا نجد في تصانيفهم من كتب الدعاء إلا قليلا، وذلك لان علماء الشيعة بعد شيخ الطائفة إلى قرب مائة سنة كانوا يكتفون بتصانيف الشيخ ولا يتجاسرون بتأليف في قبال تأليفاته، أو فتوى مخالفا لفتواه، حتى أن الشيخ ابن إدريس كان يعبر عنهم بالمقلدة. بل الظاهر من كلمات السيد ابن طاوس في أثناء تصانيفه أن كتب الدعاء التي كانت عنده كان أكثرها من الأصول القديمة بذكر تواريخ بعضها وبوصف كثير منها بأنها نسخة الأصل أو نسخة عتيقة، وبذكر محالها في المستنصرية أو غيرها، وبذكر أنها قرئت على المصنف، أو على غيره، أو أن عليه خط فلان، وغير ذلك من الكلمات الصريحة جمعها في أن الكتب الموجودة عنده كانت مصححة معتمدة لديه، مروية له عن مشايخه الاعلام، والكتاب الذي وجده ولم يكن له طريق الرواية إلى مؤلفه يصرح عند النقل عنه بأنه إنما ينقل عنه اعتمادا على التسامح في أدلة السنن وصدق البلوغ.
وبعد ملاحظة هذه الكلمات والتصريحات يطمئن كل أحد بأن جميع ما يذكره السيد في تصانيفه من الأدعية والزيارات مرويات له معتمدة عليه في عمل نفسه ولا سيما بعد ما يرى منه في المقامات من تصريحه بأنه: (لما لم أجد في الروايات دعاءا مناسبا لهذا المقام فأنشات من نفسي دعاءا مناسبا له) ثم يذكر ما أنشأه من نفسه بعد هذا التصريح، فتبين من ذلك فساد ما تخيل من أن أكثر أدعية ابن طاوس من منشآت نفسه، وظهر أنه ليس من منشآت نفسه إلا ما صرح فيه بذلك.
لما نظر السيد ابن طاوس إلى ما عمله جده الأمي (1) شيخ الطائفة الطوسي وسماه " مصباح المتهجد " في الأدعية والأعمال فرأى أنه مختصر في الغاية وخال من كثير من الأدعية والأعمال المروية عن الأئمة - عليهم السلام - المدرجة في تلك الكتب الكثيرة التي جمعها، فرأى أن يؤلف كتابا كبيرا يشتمل على كثير من هذه