تعالى كتابا خارقا لعادة البشر، مبينا مع عجز الأمة عنه، وانه من فعل الله تعالى الذي ارسل هذا الرسول لكونه غير حاصل في مقدور البشر ولا يحصل الا من فاعل البشر فثبتت حينئذ نبوتهم عند الأمة، خصوصا القرآن المجيد الذي تحدى الله سبحانه وتعالى الأمة ومن برز من فصحاء العرب به أو ببعضه فلم يقدروا على الاتيان بمثله ولا بسورة من مثله، بدليل قوله سبحانه وتعالى: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " (1)، وبقوله تعالى: " فأتوا بسورة من مثله " (2).
عدلوا عن معارضته إلى حربه ومخاصمته، علمنا عجزهم، لان العاقل لا يعدل عن الأسهل إلى الأشق الا للعجز.
فصار الكتاب والسنة هما الدليل على صحة دعوى النبي صلى الله عليه وآله وثبوت نبوته، وقد ورثهما الامام بعده بما فرض الله تعالى له وجعله له حقا واجبا، فقد ثبتت إمامته ووجب الاقتداء به بطريق لا يقدر أحد من البشر ان يشركه فيها لان وارث الشريعة هو اعلم الناس بها، ووارث الكتاب هو اعلم الناس به، ومن كان اعلم الناس بهما، كان أحق بالتقديم على الأمة ممن لا علم له بهما، وإذا كانا طريقي تصديق ادعاء النبوة فهما طريقا تصديق الإمامة، فقد ثبتت له (ع) الإمامة بنفس طريق ثبوتها للنبي صلى الله عليه وآله، وما كان طريقه أخص كان وجوبه الزم.
ويلزم استحقاق الولاء له بعده (ع) بنفس هذا الخبر من وجه آخر وهو انه عليه السلام وارث لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله بسبب صحيح من قبل الله تعالى ومن كان وارث الكتاب والسنة، كان بهما اعلم.
وعلم الرسول صلى الله عليه وآله لا يخرج عن الكتاب والسنة، وإذا كان علم الرسول صلى الله عليه وآله غير خارج عنهما وهما حاصلان لأمير المؤمنين (ع) بدليل الخبر الوارد من قول النبي صلى الله عليه وآله بذلك، فثبت انه (ع) أولى بالاقتداء من غيره.