مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٥٣٤
لا يقدر أحد أن يدنو منه قال فباعوه إياه بوكس فقال لي يا محمد قم فاطرح السرج عليه قال: فقمت وعلمت انه لا يقول لي ما يؤذيني فحللت الحزام وطرحت السرج عليه فهدأ ولم يتحرك فجئت به لأمضي فجاء النخاس فقال لي: ليس يباع، فقال لي: سلمه إليهم، قال: فجاء النخاس ليأخذه فالتفت إليه التفاتة ذهب منهزما، قال: فركبت ومضينا وجئت به إلى الإصطبل فما تحرك ولا آذاني ببركة استادي.
ومن كتاب الكشي، الفضل بن الحرث قال: كنت بسر من رأى وقت خروج سيدي أبي الحسن (ع) فرأينا أبا محمد ماشيا قد شق ثيابه فجعلت أتعجب من جلالته وما هو له أهل ومن شدة اللوم والأدمة وأشفق عليه من التعب، فلما كان الليلة رأيته (ع) في منامي فقال: اللوم الذي تعجبت منه اختيار من الله لخلقه يجريه كيف يشاء وانها لعبرة في الابصار لا يقع فيه غير المختبر ولسنا كالناس فتعب كما يتعبون فاسأل الله الثبات وتفكر في خلق الله فان فيه متسعا واعلم أن كلامنا في النوم مثل كلامنا في اليقظة.
وخرج أبو محمد (ع) في جنازة أبي الحسن (ع) وقميصه مشقوق فكتب إليه أبو عون الأبرش في ذلك فقال (ع): يا أحمق ما أنت وذاك قد شق موسى على هارون ثم قال بعد كلام: وانك لا تموت حتى تكفر ويتغير عقلك. فما مات حتى حجبه ابنه عن الناس وحبسوه في منزله في ذهاب العقل عما كان عليه.
وكان عروة الدهقان كذب على علي بن محمد بن الرضا وعلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام بعده ثم إنه أخذ بعض أمواله فلعنه أبو محمد فما امهل يومه ذلك وليلته حتى قبض إلى النار.
وقال محمد بن الحسن: لقيت من علة عيسى شدة فكتبت إلى أبي محمد أسأله أن يدعو لي، فلما نفذت الكتاب قلت في نفسي: ليتني كتبت إليه أن يصف لي كحلا اكحلها فوقع بخطه يدعو لي سلامتها إذ كانت إحداهما ذاهبة وكتب بعده: أردت أن أصف لك كحلا عليك أن تصير مع الإثمد كافورا وتوتيا فإنه يجلو ما فيها من الغشاء وييبس من الرطوبة. قال: فاستعملت ما أمرني به فصحت.
محمد بن الحسن قال: كتبت إليه أشكو الفقر ثم قلت في نفسي: أليس قد قال أبو عبد الله الفقر معنا خير من الغنى مع عدونا والقتل معنا خير من الحياة مع عدونا، فرجع الجواب: ان الله عز وجل يخص أولياءنا إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر وقد يعفو عن كثير منهم وهو كما حدثتك نفسك الفقر معنا خير من الغنى مع عدونا ونحن
(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 ... » »»
الفهرست