وقال: انشد الله عبدا عنده خبر ما ابتلينا به لما أخبرنا به، قال: فقام شيخ فقال:
إن يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة واخذ مقدارها ثم مضى، فقال الحجاج: من هو؟ قال: علي بن الحسين قال: معدن ذلك، فبعث إلى علي بن الحسين فأتاه فأخبره بما كان من منع الله إياه البناء، فقال له علي بن الحسين: يا حجاج عمدت إلى بناء إبراهيم وإسماعيل وألقيته في الطريق وانتهبه الناس كأنك ترى انه تراث لك اصعد المنبر فأنشد الناس ان لا يبقى أحد منهم اخذ منه شيئا إلا رده، قال:
ففعل فردوه، فلما رأى جميع التراب أتى علي بن الحسين فوضع الأساس وأمرهم ان يحفروا، قال: فتغيبت عنهم الحية، وحفروا حتى انتهى إلى موضع القواعد، فقال لهم علي بن الحسين: تنحوا، فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه ثم بكى ثم غطاها بالتراب ثم دعا الفعلة فقال: ضعوا بناءكم، فوضعوا البناء، فلما ارتفعت حيطانه أمر بالتراب فألقى في جوفه، فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج.
وروي انه استسقى عباد البصرة مثل: أيوب السجستاني، وصالح المزي، وعتبة العلام، وحبيب القادسي، ومالك بن دينار، وأبو صالح الأعمى، وجعفر بن سليمان، وثابت البناني، ورابعة، وسعدانة، وانصرفوا خائبين فإذا هم بفتى قد أقبل وقد أكربته أحزانه وأقلقته أشجانه فطاف بالكعبة أشواطا ثم اقبل علينا وحيانا واحدا واحدا فقلنا: لبيك يا شاب، فقال: أما فيكم أحد يجيبه الرحمن؟ فقلنا: يا فتى علينا الدعاء وعليه الإجابة، قال: ابعدوا عن الكعبة فلو كان فيكم أحد يجيبه الرحمن لاجابه، ثم أتى الكعبة فخر ساجدا فسمعته يقول في سجوده: سيدي بحبك لي إلا أسقيتهم الغيث، فما استتم الكلام حتى اتاهم الغيث كأفواه القرب ثم ولى عنا قائلا:
من عرف الرب فلم تغنه * معرفة الرب فهذا شقى ما ضر في الطاعة ما ناله * في طاعة الله وماذا لقى ما يصنع العبد بعز الغنى * والعز كل العز للمتقى فسئل عنه فقالوا: هذا زين العابدين. امالي أبو جعفر الطوسي قال: خرج علي ابن الحسين (ع) إلى مكة حاجا حتى انتهى إلى بين مكة والمدينة فإذا هو برجل يقطع الطريق، قال فقال لعلي: أنزل، قال: تريد ماذا؟ قال: أريد ان أقتلك وآخذ ما معك قال: فأنا أقاسمك ما معي وأحللك، قال فقال اللص: لا، قال: فدع معي ما اتبلغ به، فأبى، قال: فأين ربك؟ قال: نائم، قال فإذا اسدان مقبلان بين يديه فأخذ هذا برأسه وهذا برجليه، قال: زعمت أن ربك عنك نائم.