الخراجيات - المحقق الكركي - الصفحة ٣٤
غيرهم.
مضافا إلى ذلك، يلاحظ: أن المؤلف بدلا من أن يستقطب أكثر عدد ممكن من قائمة الفقهاء إذا به يستقطب أكثر عدد ممكن من فتاوى فقيه واحد أو أكثر.
فمثلا نجده للتدليل على وجهة نظره - يتجه إلى العلامة في مختلف كتبه مثل التذكرة، المنتهى، التحرير، القواعد، الإرشاد.. الخ، فيسجل نفس الفتوى متكررة في الكتب المذكورة ومن الواضح أن مثل هذا المنهج لا يخدم وجهة نظر المؤلف، لأنه لم يصنع شيئا أكثر من أنه نقل رأي فقيه واحد في مجموعة مؤلفاته، لا أنه نقل رأي مجموعة من الفقهاء حتى تتعزز بها فتواه.
أما ما يتصل ب‍ (أفكار) المؤلف، فإن أهم ما يلفت الانتباه فيها بعد أن عرضنا عابرا لحصيلة أفكاره أن نجده (يشكك) في نيابة الفقيه من حيث صلاحيته في التعامل مع مشكلات الخراج: إذنا، وجباية، في حين لا يتردد البتة في صلاحية السلطة الزمنية.
وبالرغم من أن وجهة نظره عن (السلطة الزمنية) لها ما يسوغها، ما دامت النصوص أقرت مشروعية تقبيل الأرض وغيره من قبل السلطة الزمنية، بيد أن هذا يجعل القناعة ب‍ (نيابة الفقيه) أشد مشروعية، دون أدنى شك، ما دام المؤلف ذاته يحتج في جملة ما يحتج به على مشروعية التعامل مع السلطة الزمنية أن للمسلمين (حقا) في بيت المال. والفقيه دون ريب أولى من غيره بمعرفة (الحق) وإيصاله إلى أصحابه. وأيا كان: فلكل وجهة نظره.
أخيرا: نقدم هذه الرسالة القيمة إلى القارئ الكريم، آملين أن يفيد منها، بخاصة أنها تجسد رأي واحد من كبار فقهائنا الذين لا يكاد يتجاهله أي باحث يمارس عملية (البحث المقارن)، فضلا عن أن فقيهنا المذكور كما ينقل مؤرخوه لم يقتصر في نشاطه على البحث العلمي فحسب بل تجاوزه إلى ميدان الإصلاح الاجتماعي متنقلا في جملة من البلدان، مساهما بذلك في نوعية الجمهور إسلاميا، الأمر الذي يضفي على شخصيته تقديرا خاصا، يجعل من التعرف على رسالته التي بين يديك أهمية ذات خطورة دون أدنى شك.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست