الخراجيات - المحقق الكركي - الصفحة ٣١
والسلطة، تقبلا أو إنكارا، وبخاصة أن المؤلف كما يقول مؤرخوه كان يحتل موقعا علميا ضخما إلى الدرجة التي اجتذب بها أنظار السلطة، فمنحته تقديرا يتناسب مع موقعه العلمي، وهو أمر قد يجابه بردود من الفعل قائمة على التساؤل عن مسوغات التعامل مع سلطة أو أرض من الممكن أن يثار التشكيك حيالهما.
وقد ألمح المؤلف نفسه (في تمهيده لرسالته الخراجية التي نتحدث عنها) إلى بعض المشكلات التي أثيرت حول الأرض والسلطة في هذا الصدد، كما ألمح في تضاعيف رسالته إلى ذلك. ويمكننا مضافا إلى ما تقدم أن نلحظ أصداء المشكلة ذاتها في بعض الكتابات الفقهية التي ألفت للرد على رسالة المؤلف.
وأيا كان الأمر، فإن هدفنا من الإشارة العابرة إلى هذا الجانب، هو أن نصل بين عنوان رسالته وبين المناخ الاجتماعي الذي اكتنف ذلك.
وأخيرا، ونحن نتحدث عن منهج الكاتب، ينبغي أن نشير إلى أن معالجته للظواهر الفقهية التي طرحها في رسالته، تظل على صلة بالمناخ العلمي الذي طبع غالبية العصور الموروثة، وهو تصدير الظاهرة الفقهية المبحوث عنها بكتابات الطوسي بخاصة، فيما احتل دون سواه موقعا لافتا للنظر، حتى أن المؤلف يكتفي حينا بتقديم ما كتبه الفقيه المذكور لإحدى المسائل، مقتصرا على ذلك في التدليل على هذه الوجهة من النظر التي يطرحها أو تلك، دون أن يشفعها بأي تدليل آخر. كما أن كلا من العلامة والشهيد الأول يأخذان نصيبا كبيرا من ذلك.
أما أدوات الممارسة الفقهية التي يستخدمها في حقلي الأصول والتحقيق، فتتسم أولاهما كما سبقت الإشارة - بالإهمال التام لها لانتفاء فاعليتها في الممارسة، وأما الأخرى فإن للكاتب قناعته بجملة من المبادئ المتمثلة في الرواية المنجبرة بعمل الأصحاب، والتفكيك بين أجزاء الرواية، مما تعفيه من عناء الممارسة التي تستجرها مشكلات الرواية. ولنقرأ بعض تعقيباته على الخبر الضعيف:
" الخبر الضعيف الإسناد إذا انجبر بقبول الأصحاب وعملهم، ارتقى إلى مرتبة الصحيح ".
ومثله تعقيبه على مرسلة حماد المعروفة، مضافا إلى ظاهرة (التفكيك):
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 37 ... » »»
الفهرست