فاقتلوه " (1)، فشهد بأنها (2) كانت قد وقعت بغتة من غير روية، وحصلت فجأة عن عجلة من غير مشورة، وفي هذا غاية الذم [لها]، والتكذيب لهم فيما ادعوه فيها مع التهديد (3) بسفك دم من عاد إلى مثلها، وليس يشك عاقل في أن الفلتة التي هي العجلة والبدار تضاد ما يدعون من التأمل والاختيار.
ومن عجيب أمرهم: دعواهم أن الأمة اجتمعت على إمامة أبي بكر مع علمهم بقلة عدد العاقد (4) لها، وتأخر من تأخر عنها، وإنكار المنكرين لها، والخلف الواقع فيها في حال السقيفة وبعدها، فيقولون:
إن من خالف من الأنصار، وتأخر من بني هاشم الأخيار، مع وجوه الصحابة وأعيانهم، وبني حنيف بأسرهم، وما ظهر من إنكارهم أمارته (5)، وخلافهم كلهم شذاذ لا يخرقون الإجماع، [ثم ينكرون أن يكون الإجماع] حصل على حصار عثمان وخلعه (6)، وتكفيره وقتله، ولم يكن بالمدينة من أهلها ولا ممن كان بها من أهل مصر وغيرهم إلا محارب أو خاذل، ولم يحفظ في الإنكار عليهم قول لقائل. ويدعون أنه وعبيده المحاصرين معه في الدار ومروان ابن عمه قادحون في الإجماع. هذا، وقد رام قوم من بني أمية أن يصلوا عليه فلم يتمكنوا، وهموا أن يدفنوه في مقابر المسلمين، فلم يتركوا حتى مضوا [به] إلى