تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد - الصفحة ٣٦
و: ﴿نسوا الله فنسيهم﴾ (1) و: (ومكروا ومكر الله (2) و: (الله يستهزئ بهم) (3):

(١) التوبة: ٦٧.
(٢) آل عمران: ٥٥.
(٣) قوله تعالى: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) (البقرة : ١٦) إن بلاء الظاهرية وأعني بهم الغلاة المتمسكين بالظواهر المأثورة ليس على الدين والمسلمين بأقل من بلاء الباطنية وأعني بهم الغلاة في التمسك ببواطن الآثار واعتبارهم ظواهر النقل العرفية قشورا، وما هؤلاء وأولئك سوى طرفي إفراط وتفريط في الحقيقة، وأحرى بهم أن يعدلوا عن تطرفهم ويسلكوا مذهب التوسط والاعتدال، فإن للقرآن والحديث ظواهر مقصودة عند التخاطب مثل : (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (البقرة: ٤٤) و (أحل الله البيع وحرم الربا) إلى آخره (البقرة: ٢٧٦) مجمعا عليها بالضرورة. كما أن في القرآن والحديث ألفاظا لا يراد منها معانيها اللغوية الأصلية المبذولة، وإنما قصد منها معان عرفية يتقبلها عرف التخاطب على سبيل التجوز والتشبيه كآية : ( يجعلون أصابعهم في آذانهم) (البقرة: 20) أو حديث: (الحجر الأسود يمين الله في أرضه) فلا ترى العقلاء إلا مجتمعين على صرف هذه الألفاظ عن مفاهيمها اللغوية الأصلية إلى معان ثمثيلية رائجة الاستعمال في محاورات العرف من كل أمة، فتجد العرف يقولون (فلان نام عن ميراث أبيه وتحزم لمنازعة السلطان) أي عمل شبيه عمل النائم أو شبيه المتحزم دون أن يقصد النوم الأصلي أو الحزام الحقيقي، قال الشاعر:
لا تعجبي يا سلم من رجل * ضحك المشيب برأسه فبكى وليس المشيب في الحقيقة إنسانا يضحك، لكنه يعمل بالرجل شبه عمل الضاحك المستهزئ، وكذلك الله سبحانه يعمل بالظالمين عملا يخيل للناظر البسيط غير المتعمق أنه عمل المستهزئ بهم، لأنه سبحانه يوسع عليهم ابتداء ويملي لهم ويمدهم في طغيانهم حتى إذا استمر طغيانهم وضاق الذرع بهم وبظلمهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر على حين غفلة وبدون مهلة، فيخال البسطاء أنه سبحانه يستهزئ بهم أو يمكر في إذلالهم بعد الإعزاز وإسقاطهم بعد الإسعاد والإمداد، لكن الخواص من ذوي الألباب يعلمون أن إمهالهم بادئ بدء استدراج وإتمام حجة، ثم التنكيل بهم تأديب لهم وللبقية، ويشهد على هذا قوله بعدئذ: (ويمدهم في طغيانهم ... إلخ. ش.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الكتاب 1
2 الشيخ المفيد - و - تصحيح الاعتقاد 19
3 مفتتح الكتاب 27
4 معنى كشف الساق 28
5 تأويل اليد 30
6 نفخ الأرواح 31
7 حكمة الكناية والاستعارة 33
8 المكر والخدعة من الله - معنى الله يستهزئ بهم 35
9 نسبة النسيان إلى الله 38
10 صفات الله 40
11 خلق أفعال العباد 42
12 فصل - كتاب الله مقدم على الأحاديث 44
13 الجبر والتفويض 46
14 المشيئة والإرادة 48
15 تفسير آيات القضاء والقدر 54
16 تفسير أخبار القضاء والقدر 57
17 معنى فطرة الله 60
18 معنى البداء 65
19 الجدال على ضربين: أحدهما بالحق والآخر بالباطل 68
20 في اللوح بالباطل 74
21 معنى العرش 75
22 في النفوس والأرواح 79
23 تفسير أخبار الذر 83
24 تفسير آية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) الآية 83
25 في الرجعة 89
26 فيما وصف به الشيخ أبو جعفر - ره - الموت 94
27 في المسألة في القبر 98
28 فيما ذكر الشيخ أبو جعفر - ره - في العدل 103
29 في الأعراف 106
30 في الصراط 108
31 في العقبات 112
32 في الحساب والميزان 114
33 في الجنة والنار 116
34 حد التكفير 119
35 في نزول الوحي 120
36 في نزول القرآن 123
37 تفسير آية: (فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما) في الإشارة إلى أن طبرس المنسوب إليه الامام الطبرسي 125
38 في العصمة 128
39 في الغلو والتفويض 131
40 في أن ما ذكره أبو جعفر - ره - من مضى نبينا والأئمة - عليهم السلام - بالسهم والقتل، منه ما ثبت ومنه ما لم يثبت 131
41 في التقية 137
42 في أن آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا موحدين 139
43 في تفسير آية: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) 140
44 في الحظر والإباحة 143
45 في الطب 144
46 في الأحاديث المختلفة 146
47 إجازة سماحة الإمام آل كاشف الغطاء مد ظله للواعظ الچرندابي كتبا 154
48 كلمة غالية، للكاتب الكبير عماد الدين الأصبهاني 155