على الله) (١) وفي موضع آخر: ﴿يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني﴾ (٢) فلو كان الأجر على ما ظنه أبو جعفر في معنى الآية لتناقض القرآن، وذلك أنه كان تقدير الآية: قل لا أسألكم عليه أجرا، بل أسألكم عليه أجرا، ويكون أيضا: إن أجري إلا على الله، بل أجري على الله وعلى غيره. وهذا محال لا يصح حمل القرآن عليه.
فإن قال قائل: فما معنى قوله: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) أوليس هذا يفيد أنه قد سألهم مودة القربى لأجره على الأداء؟ قيل له:
ليس الأمر على ما ظننت - لما قدمناه من حجة العقل والقرآن - والاستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة، لكنه استثناء منقطع، ومعناه:
قل لا أسألكم عليه أجرا، لكن ألزمكم المودة في القربى وأسألكموها، فيكون قوله: قل لا أسألكم عليه أجرا، كلاما تاما قد استوفى معناه، ويكون قوله:
إلا المودة في القربى، كلاما مبتدأ، فائدته: لكن المودة في القربى سألتكموها، وهذا كقوله: ﴿فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس﴾ (٣) والمعنى فيه: لكن إبليس، وليس باستثناء من جملة (٤)، وكقوله: ﴿ فإنهم عدو لي إلا رب العالمين﴾ (5) (6) معناه: لكن رب العالمين ليس بعدو لي، قال الشاعر: