فإن قال: أفليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ما كان الله ليجمع أمتي على ضلال " (1) فكيف يصح اجتماع الأمة على دفع المستحق عن حقه والرضا بخلاف الصواب، وذلك ضلال بلا اختلاف؟
قيل له: أول ما في هذا الباب أن الرواية لما ذكرت غير معلومة عن النبي صلى الله عليه وآله، وإنما جاءت بها الأخبار على اختلاف من المعاني والألفاظ، وقد دفع صحتها جماعة من رؤساء أهل النظر والاعتبار، وأنكرها إمام المعتزلة وشيخها إبراهيم بن سيار النظام (2) وبعد: فلو ثبت ما ضرنا فيما وصفناه، لأنا لا نحكم بإجماع أمة الإسلام على الرضا بما صنعه المتقدمون على أمير المؤمنين عليه السلام فكيف نحكم بذلك ونحن نعلم يقينا - كالاضطرار - خلاف الأنصار في عقد الإمامة على المهاجرين، وإنكار بني هاشم وأتباعهم على الجميع في تفردهم بالأمر دون أمير المؤمنين عليه السلام، وقد جاءت الأخبار مستفيضة بأقاويل جماعة من وجوه (3) الصحابة في إنكار ما جرى، وتظلم أمير المؤمنين عليه السلام من ذلك (4) برفع الصوت والإجهار؟!