البصرة والشام والنهروان على ما شرحناه، بل ظهر منهم خلاف ذلك، لسرعة انفضاضهم عمن لقيهم من أهل الإسلام، وتفرقهم وهلاكهم بأهون سعي، وأوحى (1) مدة، وأقرب مؤنة، على ما تواترت به الآثار، وعلمه كافة من سمع الأخبار، فبان بما وصفناه أننا مع التسليم للخصوم بما ادعوه في معنى الآية، وباعتبارهم الذي اعتمدوه، أولى بالحجة منهم في صرف تأويلها إلى إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، دون من سموه على ما قدمناه.
ولو تكافأ القولان، ولم يكن لأحدهما رجحان على صاحبه في البرهان، لكانت المكافأة مسقطه لما حكموا به من تخصيص أبي بكر وعمر، بدلالة الآية على الترتيب الذي أصلوا الكلام عليه في الاستدلال، وهذا ظاهر جلي ولله الحمد.
فصل قد كان بعض متكلمي المعتزلة رام الطعن في هذا الكلام، بأن قال: قد ثبت أن القوم الذين فرض الله تعالى قتالهم بدعوة من أخبر عنه كفار خارجون عن ملة الإسلام، بدلالة قوله تعالى: {تقاتلونهم أو يسلمون} (2).