الأمر في هذين البابين على الحجج والبينات، لما وصفناه من وجود الاجتماع على الظلال، والاختلاف والتباين في الهدى، والصواب بما بيناه، ولا سبيل إلى دفعه إلا بالعناد.
فصل فأما قوله: فلم لا يجاهدهم أمير المؤمنين عليه السلام كما جاهد الناكثين والقاسطين والمارقين؟ فقد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام فيما تظاهر عنه من الأخبار، فكان من (1) الجواب حيث يقول: " أما والله، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر (2)، وما أخذ الله على العلماء (3) أن لا يقاروا على كظة (4) ظالم، ولا سغب (5) مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها " (6).
فدل على أنه عليه السلام إنما ترك جهاد الأولين لعدم الأنصار، وجاهد الآخرين لوجود الأعوان، وكان ذلك هو الصلاح الشامل على معلوم الله تعالى وشرائط حكمته في التدبيرات.