على أن هذا القول، وإن كان حجة فيما ذكرناه، فالوجود شاهد به لصحته على ما وصفناه، ألا ترى أن أكثر الخلق على مرور الأيام والأوقات (1) عصاة لله تعالى، والقليل منهم مطيعون له على الاخلاص، والجمهور الأكثر منهم جهال على كل حال، والعلماء قليل يحصرهم العدد بلا ارتياب، وأهل التصون (2) والمروءة من بين الخلق أفراد، وأهل المناقب في الدين والدنيا آحاد، فيعلم بذلك أن الأكثر لا معتبر بهم في صحيح الأحكام.
وبعد: فإنه لم يتمكن قط متملك (3) إلا وكان حال الخلق معه حالهم مع أبي بكر وعمر وعثمان، وهذه عادة جارية إلى وقتنا هذا وإلى آخر الزمان، ألا ترى إلى اجتماع الأمة (4) على متاركة (5) معاوية بن أبي سفيان حين ظهر أمره عند مهادنة الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
وسكوت الكافة عنه وهو يلعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على المنابر، ويقنت عليه في الصلوات، ويضرب رقاب المسلمين على الولاية له، ويجيز على البراءة منه بالأموال.
وكذلك كانت حالهم مع يزيد لعنه الله، وقد قتل الحسين بن