فصل إعلموا - رحمكم الله - أنه لولا ما اتفق لهؤلاء الثلاثة من التقدم على آل محمد عليهم السلام والتسلط على الخلق بسلطانهم، والترؤس بالغطرسة عليهم، لما سل بين المسلمين سفيان، ولا اختلف في الشريعة اثنان، ولا استحل أتباع الجمل وأهل الشام والنهروان دماء أهل الإيمان،، ولا سفك دم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام جهلا على التدين به والاستحلال، ولا قتل الحسنان عليهم السلام، ولا استحلت حرمات العترة وأريقت دماؤهم، كما يستباح ذلك من أهل الردة عن الإسلام.
لكنهم أصلوا ذلك بدفعهم عليا أمير المؤمنين عليه السلام، عن مقامه، وسنوه باستخفافهم بحقه، وأوجبوه باستهانتهم بأمره، وسهلوه بوضعهم من قدره، وسجلوه بحطهم له عن محله، وأباحوه بما أظهروا من عداوته ومقته، فباءوا لذلك بإثمه، وتحملوا أوزاره وأوزار من ضل بهم عن الحق بأسره، كما قال الله تعالى: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون} (1).