فصل فيقال لهم: إنكم بنيتم كلامكم في تأويل هذه الآية وصرف الوعد فيها إلى أئمتكم على دعويين:
إحداهما: مقصورة عليكم لا يعضدها برهان، ولا تثبت بصحيح الاعتبار.
والأخرى: متفق على بطلانها، لا تنازع في فسادها ولا اختلاف، ومن كان أصله فيما يعتمده ما ذكرناه، فقد وضح جهله لذوي الألباب.
فأما الدعوى الأولى: فهي قولكم أن أبا بكر وعمر قد أنفقا قبل الفتح، وهذا ما لا حجة فيه بخبر صادق ولا كتاب، ولا عليه من الأمة إجماع، بل الاختلاف فيه موجود، والبرهان على كذبه (1) لائح مشهود.
وأما الدعوى الأخيرة: وهي قولكم أنهما قاتلا الكفار فهذه مجمع على بطلانها غير مختلف في فسادها، إذ ليس يمكن لأحد من العقلاء أن يضيف إليهما قتل كافر معروف، ولا جراحة مشرك موصوف، ولا مبارزة قرن ولا منازلة كفؤ، ولا مقام مجاهد.
وأما هزيمتهما من الزحف فهي أشهر وأظهر من أن يحتاج فيه إلى الاستشهاد، وإذا خرج الرجلان من الصفات التي تعلق الوعد بمستحقها من جملة الناس، فقد بطل ما بنيتم على ذلك من الكلام،