حتى غضب النبي صلى الله عليه وآله، وقال: " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه " (1) فأعطاها أمير المؤمنين عليه السلام، وكان الفتح على يديه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله؟!
أم في يوم الأحزاب فلم يكن لفرسان الصحابة وشجعانها ومتقدميها في الحرب إقدام في ذلك اليوم سوى أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه خاصة، وقتله عمرو بن عبد ود، ففتح الله بذلك على أهل الإسلام؟!
أم في يوم حنين فأصل هزيمة المسلمين كانت فيه بمقال من أبي بكر، واغتراره بالجمع، واعتماده على كثرة القوم دون نصر الله ولطفه وتوفيقه، ثم انهزم هو وصاحبه أول الناس، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وآله إلا تسعة نفر من بني هاشم، أحدهم أمير المؤمنين عليه السلام، وثبتوا به في ذلك المقام؟! ثم ما بين هذه الغزوات وبعدها، فحال القوم فيها في التأخر عن الجهاد ما وصفناه لغيره من الطلقاء والمؤلفة قلوبهم ومسلمة الفتح، وأضرابهم من الناس وطبقات الأعراب في القتال والإنفاق، وما هو مشهور عند نقلة الآثار، وقد نقلنا لأبي سفيان وولديه في هذا الباب ما لا يمكن دعوى مثله لأبي بكر وعمر وعثمان على ما قدمناه وشرحناه.
وإذا لم يكن للقوم من معاني الفضل ما يوجب لهم الوعد (2)، بالحسنى على ما نطق به القرآن، ولا اتفق لهم الجمع بين الإنفاق والقتال