يعصمهم ذلك، ثم توجه المدح لهم من الآية، كما لم يعصم طلحة والزبير مما وصفناه ووقع منهم في إنكار حق أمير المؤمنين عليه السلام، كما وقع من الرجلين المشاركين لهم فيما ادعيتموه من مدح القرآن وعلى الوجه الذي كان منهما ذلك من تعمد أو خطأ أو شبهة أو اجتهاد أو عناد؟ وهذا ما لا سبيل لهم إلى دفعه، وهو مبطل لتعلقهم بالآية ودفع أئمتهم عن الضلالة، وإن سلم لهم منها ما تمنوه تسليم جدل للاستظهار.
فصل ويؤكد ذلك أن الله تعالى مدح من وصف بالآية بما كان عليه في الحال، ولم يقض بمدحه له على صلاح العواقب، ولا أوجب العصمة له من الضلال، ولا استدامة لما استحق به المدحة في الاستقبال.
ألا ترى أنه سبحانه قد اشترط في المغفرة لهم والرضوان الإيمان في الخاتمة، ودل بالتخصيص لمن اشترط له ذلك، على أن في جملتهم من يتغير حاله فيخرج عن المدح إلى الذم واستحقاق العقاب، فقال تعالى فيما اتصل به من وصفهم (1) ومدحهم بما ذكرناه من مستحقهم في الحال:
{كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} (2).