سفيان وبني أمية من عقلاء أصحاب الحديث: ما الفرق بينكم فيما تأولتم به الآية، وأوجبتم به منها طاعة أبي بكر وعمر، وبين الحشوية فيما أوجبوا به منها طاعة معاوية وبني أمية وجعلوه حجة لهم على إمامتهم، وعموا بالمعني بها أبا بكر وعمر وعثمان ومن ذكرناه.
وذلك أن أكثر فتوح الشام وبلاد المغرب والبحرين والروم وخراسان كانت على يد معاوية بن أبي سفيان وأمرائه كعمرو بن العاص وبسر بن أرطاة ومعاوية بن حديج وغير من ذكرناه، ومن بعدهم على أيدي بني أمية وأمرائهم بلا اختلاف.
فإن جروا (1) على ذلك خرجوا عن أصولهم، وزعموا أن الله سبحانه أوجب طاعة الفاسقين، وأمر باتباع الظالمين، ونص على إمامة المجرمين، وإن امتنعوا منه لعلة من العلل مع ما وصفناه من قتالهم بعد النبي صلى الله عليه وآله لقوم كفار أولي بأس شديد منعوا من ذلك في الرجلين بمثلها، فلا يجدون فصلا مع ما يلحق مقالتهم من الخلل والتناقض بالتخصيص على التحكم دون الحجة والبيان، ومن الله نسأل التوفيق.