الجواب، وأومأ إلينا بالجلوس، فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده، أخرج أحمد ابن إسحاق جرابه من طي كسائه، فوضعه بين يدي مولانا فنظر أبو محمد (عليه السلام) إلى الغلام وقال: يا بني، فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك.
فقال: يا مولاي، أيجوز لي أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة، وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها؟!
فقال مولانا (عليه السلام): يا بن إسحاق، استخرج ما في الجراب ليميز بين الأحل منها والأحرم. فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقم، تشتمل على اثنين وستين دينارا، فيها من ثمن حجرة باعها وكانت إرثا له من أبيه خمسة وأربعون دينارا، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير.
فقال: مولانا (عليه السلام): صدقت يا بني، دل الرجل على الحرام منها.
فقال (عليه السلام): فتش عن دينار رازي السكة، تاريخه سنة كذا، قد انطمس من إحدى صفحتيه نصف نقشة (1)، وقراضة أصلية وزنها ربع دينار، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الجملة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا وربع، فأنت على ذلك مدة، وفي انتهائها قيض لذلك الغزل سارق، فأخبر (2) الحائك صاحبه فكذبه، واسترد منه بدل ذلك منا ونصف غزلا أدق مما كان قد (3) دفعه إليه، واتخذ من ذلك ثوبا، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه. فلما فتح الصرة صادف في وسط الدنانير رقعة باسم من أخبر عنه، وبمقدارها على حسب ما قال (عليه السلام)، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة.
ثم أخرج صرة أخرى، فقال الغلام (عليه السلام): هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقم، تشتمل على خمسين دينارا، لا يحل لنا مسها (4).