أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك (1)، والفاروق المحامي عن بيضة الاسلام، كانا يسران (2) النفاق، واستدللتم بليلة العقبة، أخبرني عن الصديق والفاروق، أسلما طوعا أو كرها؟
قال سعد: فأحتلت لدفع هذه (3) المسألة عني خوفا من الإلزام، وحذرا من أني إن أقررت له بطواعيتهما (4) في الاسلام احتج بأن بدء النفاق ونشوءه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة، وإظهار اليأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد له قلبه، نحو قول الله (عز وجل): * (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * (5).
وإن قلت: أسلما كرها، كان يقصدني (6) بالطعن، إذ لم يكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس.
قال سعد: فصدرت عنه مزورا (7) قد انتفخت أحشائي من الغضب، وتقطع كبدي من الكرب، وكنت قد اتخذت طومارا (8)، وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل التي لم أجد لها مجيبا، على أن أسأل عنها خير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد (عليه السلام)، فارتحلت خلفه، وقد كان خرج قاصدا نحو مولاي بسر من رأى، فلحقته في بعض المناهل، فلما تصافحنا قال: لخير لحاقك بي.
قلت: الشوق، ثم العادة في الأسئلة (9).