فقلت لها: بل أنا أفديك يا سيدة نساء (1) هذا العالم. فخلعت خفي وجاءت لتصب على رجلي الماء، فحلفتها ألا تفعل وقلت لها: إن الله قد أكرمك بمولود تلدينه في هذه الليلة. فرأيتها لما قلت لها ذلك قد لبسها ثوب من الوقار والهيبة، ولم أر بها حملا ولا أثر حمل.
فقالت: أي وقت يكون ذلك. فكرهت أن أذكر وقتا بعينه فأكون قد كذبت.
فقال لي أبو محمد (عليه السلام): في الفجر الأول. فلما أفطرت وصليت وضعت رأسي ونمت، ونامت نرجس معي في المجلس، ثم انتبهت وقت صلاتنا، فتأهبت، وانتبهت نرجس وتأهبت، ثم إني صليت، وجلست أنتظر الوقت، ونام الجواري، ونامت نرجس، فلما ظننت أن الوقت قد قرب خرجت فنظرت إلى السماء، وإذا الكواكب قد انحدرت، وإذا هو قريب من الفجر الأول، ثم عدت فكأن الشيطان أخبث قلبي (2).
قال أبو محمد: لا تعجلي، فكأنه قد كان. وقد سجد فسمعته يقول في دعائه شيئا لم أدر ما هو، ووقع علي السبات في ذلك الوقت، فانتبهت بحركة الجارية، فقلت لها: بسم الله عليك، فسكنت إلى صدري فرمت به علي، وخرت ساجدة، فسجد الصبي، وقال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وعلي (3) حجة الله. وذكر إماما إماما حتى انتهى إلى أبيه، فقال أبو محمد: إلي ابني. فذهبت لأصلح منه شيئا، فإذا هو مسوى مفروغ منه، فذهبت به إليه، فقبل وجهه ويديه ورجليه، ووضع لسانه في فمه، وزقه كما يزق الفرخ، ثم قال: اقرأ. فبدأ بالقرآن من بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخره.
ثم إنه دعا بعض الجواري ممن علم أنها تكتم خبره، فنظرت، ثم قال: سلموا عليه وقبلوه وقولوا: استودعناك الله، وانصرفوا.
ثم قال: يا عمة، ادعي لي نرجس. فدعوتها وقلت لها: إنما يدعوك لتودعيه.