فأخذت صكا وأشهدت شهودا على الكتاب في غير أيام الحج، ثم إني خرجت إلى المدينة فاستأذنت على أبي جعفر (عليه السلام)، فلما نظر إلي قال: يا أبا بصير، وما فعل الصك؟
فقلت: جعلت فداك، إن فلانا قال لي: لا والله، لا تراه أبدا. (1) 162 / 26 - وروى الحسن بن معاذ الرضوي، قال: حدثنا لوط بن يحيى الأزدي، عن عمارة بن زيد الواقدي، قال: حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين، وكان قد حج في تلك السنة محمد بن علي الباقر وابنه جعفر (عليهم السلام)، فقال جعفر في بعض كلامه (2):
الحمد لله الذي بعث محمدا بالحق نبيا، وأكرمنا به، فنحن صفوة الله على خلقه، وخيرته من عباده، فالسعيد من اتبعنا، والشقي من عادانا وخالفنا، ومن الناس من يقول إنه يتولانا وهو يوالي أعداءنا ومن يليهم من جلسائهم وأصحابهم، فهو لم يسمع كلام ربنا ولم يعمل به.
قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) فأخبر مسيلمة أخاه بما سمع (3)، فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق، وانصرفنا إلى المدينة، فأنفذ بريدا إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي معه، فأشخصنا، فلما وردنا دمشق حجبنا ثلاثة أيام، ثم أذن لنا في اليوم الرابع، فدخلنا وإذا هو قد قعد على سرير الملك، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطين متسلحين، وقد نصب البرجاس (4) حذاءه، وأشياخ قومه يرمون.
فلما دخل أبي وأنا خلفه ما زال يستدنينا منه حتى حاذيناه وجلسنا قليلا، فقال لأبي: يا أبا جعفر، لو رميت (5) مع أشياخ قومك الغرض. وإنما أراد أن يهتك (6) بأبي