يرمي مثل هذا الرمي، أين رمي جعفر من رميك؟
فقال: إنا نحن نتوارث الكمال والتمام اللذين أنزلهما الله على نبيه (عليه السلام) في قوله: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * (1) والأرض لا تخلو ممن يكمل (2) هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا.
قال: فلما سمع ذلك من أبي انقلبت عينه اليمنى فاحولت واحمر وجهه، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب، ثم أطرق هنيئة، ثم رفع رأسه فقال لأبي: ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد؟ فقال أبي: نحن كذلك، ولكن الله (جل ثناؤه) اختصنا من مكنون سره وخالص علمه، بما لم يختص أحدا به غيرنا.
فقال: أليس الله (جل ثناؤه) بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة، أبيضها وأسودها وأحمرها، من أين ورثتم ما ليس لغيركم؟ ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة، وذلك قول الله (تبارك وتعالى): * (ولله ميراث السماوات والأرض) * (3) إلى آخر الآية، فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء؟
فقال: من قوله (تعالى) لنبيه (عليه السلام): * (لا تحرك به لسانك لتعجل به) * (4) فالذي أبداه فهو للناس كافة، والذي لم يحرك به لسانه، أمر الله (تعالى) أن يخصنا به من دون غيرنا.
فلذلك كان يناجي أخاه عليا من دون أصحابه، وأنزل الله بذلك قرآنا في قوله (تعالى): * (وتعيها أذن واعية) * (5) فقال رسول الله لأصحابه: سألت الله (تعالى) أن يجعلها أذنك يا علي، فلذلك قال علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة: علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب، خصه به رسول