فترجلوا إلى القبر فسلموا، وأطال رجل منهم الزيارة ثم جعل يتمثل ابيات منصور ابن الزبرقان النمري:
نفسي فداء الحسين يوم عدا * إلى المنايا عدوا ولا قافل ذاك يوم أنحى بشفرته * على سنام آلاء سلام والكاهل كأنما أنت تعجبين ألا * ينزل بالقوم نقمة العاجل لا يعجل الله إن عجلت وما * ربك عما ترين بالغافل مظلومة والنبي والدها * تدير ارجاء مقلة جافل ألا مساعير يغضبون لها * بسلة البيض والقنا الذابل قال: ثم اقبل علي فقال: ممن الرجل؟ فقلت: رجل من الدهاقين من أهل المدائن. فقال سبحان الله، يحن الولي إلى وليه كما تحن الناقة إلى حوارها، يا شيخ إن هذا موقف يكثر لك عند الله شكره ويعظم اجره.
قال: ثم وثب فقال: من كان هاهنا من الزيدية فليقم إلي، فوثبت إليه جماعات من الناس، فدنوا منه فخطبهم خطبة طويلة ذكر فيها أهل البيت وفضلهم وما خصوا به، وذكر فعل الأمة بهم وظلمهم لهم، وذكر الحسين بن علي فقال:
أيها الناس، هبكم لم تحضروا الحسين فتنصروه، فما يقعدكم عمن أدركتموه ولحقتموه؟ وهو غدا خارج طالب بثأره وحقه، وتراث آبائه، وإقامة دين الله، وما يمنعكم من نصرته ومؤازرته؟ إنني خارج من وجهي هذا إلى الكوفة للقيام بأمر الله، والذب عن دينه، والنصر لأهل بيته، فمن كان له نية في ذلك فليلحق بي ثم مضى من فوره عائدا إلى الكوفة ومعه أصحابه.
قال: وخرج محمد بن إبراهيم في اليوم الذي واعد فيه أبا السرايا للاجتماع بالكوفة، واظهر نفسه وبرز إلى ظهر الكوفة، ومعه علي بن عبيد الله بن الحسين ابن علي بن الحسين، وأهل الكوفة منبثون مثل الجراد إلا انهم على غير نظام وغير قوة، ولا سلاح إلا العصي والسكاكين والآجر، فلم يزل محمد بن إبراهيم ومن