طلبت لك الحسنى فقصرت دونها * فأصبحت مذموما وزلت عن الصدق جروا فلهم سبق وصرت مقصرا * ذميما بما قصرت عن غاية السبق وما كل شئ سابق أو مقصر * يؤول به التقصير إلا إلى العرق ثم مضى محمد بن إبراهيم راجعا إلى الحجاز، فلقي في طريقه أبا السرايا السري بن منصور أحد بني ربيعة بن ذهل بن شيبان، وكان قد خالف السلطان ونابذه، وعاث في نواحي السواد، ثم صار إلى تلك الناحية فأقام بها خوفا على نفسه، ومعه غلمان له فيهم: أبو الشوك، وسيار، وأبو الهرماس، غلمانه.
وكان علوي الرأي ذا مذهب في التشيع، فدعاه إلى نفسه فأجابه وسر بذلك وقال له: انحدر إلى الفرات حتى أوافي على ظهر الكوفة، وموعدك الكوفة.
ففعل ذلك ووافى محمد بن إبراهيم الكوفة يسأل عن اخبار الناس ويتحسسها ويتأهب لامره ويدعو من يثق به إلى ما يريد، حتى اجتمع له بشر كثير، وهم في ذلك ينتظرون أبا السرايا وموافاته، فبينا هو في بعض الأيام يمشي في بعض طريق الكوفة إذ نظر إلى عجوز تتبع احمال الرطب، فتلقط ما يسقط منها فتجمعه في كساء عليها رث، فسألها عما تصنع بذلك. فقالت: إني امرأة لا رجل لي يقوم بمؤنتي ولي بنات لا يعدن على أنفسهن بشئ، فأنا أتتبع هذا من الطريق وأتقوته أنا وولدي. فبكى بكاء شديدا، وقال: أنت والله وأشباهك تخرجوني غدا حتى يسفك دمي.
ونفذت بصيرته في الخروج، واقبل أبو السرايا لموعده على طريق البر حتى ورد عين التمر في فوارس معه، جريدة لا راجل فيهم واخذ على النهرين حتى ورد إلى نينوى فجاء إلى قبر الحسين.
قال نصر بن مزاحم! فحدثني رجل من أهل المدائن، قال: إني لعند قبر الحسين في تلك الليلة، وكانت ليلة ذات ريح ورعد ومطر، إذا بفرسان قد أقبلوا