واما عبد الله بن موسى فكان مطلوبا خائفا لا يلقاه أحد.
وأما محمد بن إبراهيم فإنه كان يقارب الناس ويكلمهم في هذا الشأن، فأتاه نصر بن شبيب فدخل إليه وذاكره مقتل أهل بيته وغصب الناس إياهم حقوقهم وقال حتى متى توطئون بالخسف وتهتضم شيعتكم وينزى على حقكم؟ وأكثر من القول في هذا المعنى إلى أن اجابه محمد بن إبراهيم، وواعده لقاءه بالجزيرة.
وانصرف الحاج، ثم خرج محمد بن إبراهيم إلى الجزيرة، ومعه نفر من أصحابه وشيعته، حتى قدم على نصر بن شبيب للموعد، فجمع إليه نصر أهله وعشيرته وعرض ذلك عليهم، فأجابه بعضهم وامتنع عليه بعض، وكثر القول فيهم والاختلاف حتى تواثبوا وتضاربوا بالنعال والعصي، وانصرفوا عن ذلك.
ثم خلا بنصر بعض بني عمه وأهله فقال له: ماذا صنعت بنفسك وأهلك؟
أفتراك إذا فعلت هذا الامر وتأبدت السلطان يدعك وما تريد؟ لا والله بل يصرف همه إليك وكيده، فان ظفر بك فلا بقاء بعدها وإن ظفر صاحبك وكان عدلا كنت عنده بمنزلة رجل من افناء أصحابه، وإن كان غير ذلك فما حاجتك إلى تعريض نفسك وأهلك وأهل بيتك لما لا قوام لهم به؟ وأخرى إن جميع هذا البلد أعداء لآل أبي طالب، فان أجابوك الآن طائعين، فروا عنك غدا منهزمين إذا احتجت إلى نصرهم، على انك إلى خلافهم أقرب منك إلى إجابتهم، ثم تمثل بقوله:
وابذل لابن العم نصحي ورأفتي * إذا كان لي بالخير في الناس مكرما فان راغ عن نصحي وخالف مذهبي * قلبت له ظهر المجن ليندما فثنى نصرا عن رأيه، وفتر نيته، فصار إلى محمد بن إبراهيم معتذرا إليه بما كان من خلاف الناس عليه، ورغبتهم عن أهل البيت، وانه لو ظن ذلك بهم لم يعده نصرهم، وأومأ إلى أن يحمل إليه مالا ويقويه بخمسة آلاف دينار، فانصرف محمد عنه مغضبا، وأنشأ يقول، والشعر له:
سنغنى بحمد الله عنك بعصبة * يهشون للداعي إلى واضح الحق