ومضى الرجل هاربا حتى دخل منزله. ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له ما هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين، فأراد أن يقول: لا فقال نعم. فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.
قال أبو مخنف: فحدثني أبي، عن عبد الله بن محمد الأزدي، قال: ادخل ابن ملجم لعنه الله على علي، ودخلت عليه فيمن دخل، فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن سلمت رأيت فيه رأيي، فقال ابن ملجم - لعنه الله - والله لقد ابتعته بألف، وسممته بألف، فإن خانني فأبعده الله. قال:
ونادته أم كلثوم: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين. قال: إنما قتلت أباك. قالت يا عدو الله. إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس. قال لها: فأراك إنما تبكين عليا.
إذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم.
قال وأخرج ابن ملجم - لعنه الله - وهو يقول: قال إسماعيل بن راشد في حديثه والشعر لابن أبي مياس الفزاري:
ونحن ضربنا يابنة الخير إذ طغى * أبا حسن مأمونة فتقطرا هذا البيت لأبي مخنف وحده، وزاد إسماعيل هذين البيتين:
ونحن خلعنا ملكه عن نظامه * بضربة سيف إذ علا وتجبرا ونحن كرام في الصباح أعزة * إذا المرء بالموت ارتدى وتأزرا.
قال أبو مخنف. فحدثني بعض أصحابنا، عن صالح بن ميثم، عن أخيه عمران قال:
لقد رأيت الناس حين انصرفوا من صلاة الصبح أتوا بابن ملجم لعنه الله ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون له: يا عدو الله، ماذا فعلت؟
أهلكت أمة محمد صلى الله عليه وآله، وقتلت خير الناس. وانه لصامت ما ينطق.
قال أبو مخنف: وحدثني معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل أن صعصعة بن صوحان استأذن على أمير المؤمنين علي وقد أتاه عائدا، فلم يكن له عليه إذن فقال