كان يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ولقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسى، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه.
ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله عز وجل بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا). فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.
قال أبو مخنف عن رجاله: ثم قام ابن عباس بين يديه، فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا له وقالوا: ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة فبايعوه ثم نزل عن المنبر.
قال: ودس معاوية رجلا من بني حمير إلى الكوفة، ورجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان إليه بالاخبار، فدل على الحميري عند لحام جرير ودل على القيني بالبصرة في بني سليم فأخذا وقتلا.
وكتب الحسن إلى معاوية:
أما بعد، فإنك دسست إلى الرجال كأنك تحب اللقاء، وما أشك في ذلك فتوقعه إن شاء الله، وقد بلغني أنك شمت بمالا يشمت به ذوو الحجى، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول:
وقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تجهز لأخرى مثلها فكأن قد وإنا ومن قد مات منا لكالذي * يروح ويمسي في المبيت ليغتدي فأجابه معاوية:
أما بعد، فقد وصل كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه ولقد علمت بما حدث