على الرضا بعد ذلك فقال له: يا أبا الصلت قد فعلوها: (أي قد سقوني السم).
(وجعل يوحد الله ويمجده).
قال محمد بن علي: وسمعت محمد بن الجهم يقول: إن الرضا كان يعجبه العنب فأخذ له عنب وجعل في موضع أقماعه الابر، فتركت أياما فأكل منه في علته فقتله وذكر أن ذلك من لطيف السموم.
ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته، وتركه يوما وليلة، ثم وجه إلى محمد بن جعفر بن محمد، وجماعة من آل أبي طالب. فلما أحضرهم وأراهم إياه صحيح الجسد لا أثر به، ثم بكى وقال: عز علي يا أخي أن أراك في هذه الحالة، وقد كنت أؤمل أن أقدم قبلك، فأبى الله إلا ما أراد. وأظهر جزعا شديدا وحزنا كثيرا. وخرج مع جنازته يحملها حتى أتى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن، فدفنه هناك إلى جانب هارون الرشيد.
وقال أشجع بن عمرو السلمي يرثيه، هكذا أنشدنيها علي بن الحسين بن علي ابن حمزة، عن عمه، وذكر أنها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد:
يا صاحب العيسى يحدي في أزمتها * اسمع واسمع غدا يا صاحب العيس اقرا السلام على قبر بطوس ولا * تقرأ السلام ولا النعمى على طوس فقد أصاب قلوب المسلمين بها * روع وأفرخ فيها روع إبليس وأخلست واحد الدنيا وسيدها * فأي مختلس منا ومخلوس ولو بدا الموت حتى يستدير به * لاقى وجوه رجال دونه شوس بؤسا لطوس فما كانت منازله * مما تخوفه الأيام بالبوس معرس حيث لا تعريس ملتبس * يا طول ذلك من نأي وتعريس إن المنايا أنالته مخالبها * ودونه عسكر جم الكراديس أوفى عليه الردى في خيس أشبله * والموت يلقي أبا الأشبال في الخيس ما زال مقتبسا من نور والده * إلى النبي ضياء غير مقبوس