فنادى أبو السرايا: لا تتبعوهم فإنها خديعة ومكر، فوقفوا وتبعهم أبو كتلة فأبعد ثم رجع وأعلم أبو السرايا أنهم قد عبروا الفرات. فرجع بالناس إلى الكوفة ثم خرج يوم الاثنين لتسع خلون من ذي القعدة وخرج الناس معه. وقد كان جاسوسه أخبره أن هرثمة يريد مواقعته في ذلك اليوم، فعبأ الناس مما يلي الرصافة، ومضى هو تحت القنطرة، فلم يبعد حتى أقبلت خيل هرثمة، فرجع أبو السرايا كالجمل الهائج يكاد الغضب أن يلقيه عن سرجه إلى الناس فقال: سووا عسكركم، وأجمعوا أمركم، وأقيموا صفوفكم، وأقبل هرثمة فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع بمثله.
ونظر أبو السرايا إلى روح بن الحجاج قد رجع فقال: والله لئن رجعت لأضربن عنقك، فرجع يقاتل حتى قتل. وقتل يومئذ الحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين.
وقتل أبو كتلة غلام أبي السرايا واشتدت الحرب، وكشف أبوا لسرايا رأسه وجعل يقول: أيها الناس، صبر ساعة، وثبات قليل، فقد - والله - فشل القوم، ولم يبق إلا هزيمتهم. ثم حمل، وخرج إليه قائد من قواد هرثمة وعليه الدرع والمغفر فتناوشا ساعة، ثم ضربه أبو السرايا ضربة على بيضته فقده، حتى خالط سيفه قربوس سرجه. وانهزمت المسودة هزيمة قبيحة، وتبعهم أهل الكوفة يقتلونهم حتى بلغوا صعنبا فنادى أبو السرايا: يا أهل الكوفة احذروا كرهم بعد الفرة فان العجم قوم دهاة، فلم يصغوا إلى قوله وتبعوهم. وكان هرثمة قد اسرفي ذلك الوقت ولم يعلم أبو السرايا، اسره عبد سندي، وقبل ذلك خلف في عسكره زهاء خمسة آلاف فارس يكونون ردءا له إن انهزم أصحابه، وخلف عليهم عبيد الله بن الوضاح فلما وقعت الهزيمة ونادى أبو السرايا: لا تتبعوهم، كشف عبيد الله بن الوضاح رأسه، وأصحابه يقولون: قتل الأمير، قتل الأمير فناداهم: فماذا يكون إذا قتل الأمير؟ يا أهل خراسان إلي انا عبد الله بن الوضاح، أثبتوا، فوالله ما القوم إلا