فقال عبد الله: والله يا جعفر، ما أطلعك الله على غيبه، وما قلت هذا إلا حسدا لابني.
فقال: لا والله ما حسدت ابنك، وإن هذا - يعني أبا جعفر - يقتله على أحجار الزيت، ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف، وقوائم فرسه في الماء.
ثم قام مغضبا يجر رداءه، فتبعه أبو جعفر فقال: أتدري ما قلت يا أبا عبد الله؟ قال: إي والله أدريه، وإنه لكائن.
قال: فحدثني من سمع أبا جعفر يقول: فانصرفت لوقتي فرتبت عمالي، وميزت أموري تمييز مالك لها.
قال: فلما ولي أبو جعفر الخلافة سمي جعفرا الصادق، وكان إذا ذكره قال:
قال لي الصادق جعفر بن محمد كذا وكذا، فبقيت عليه.
أخبرني عيسى بن الحسين، قال: حدثنا الخزاز، قال: حدثني المدائني عن سحيم ابن حفص: أن نفرا من بني هاشم اجتمعوا بالابواء من طريق مكة، فيهم إبراهيم الامام، والسفاح، والمنصور، وصالح بن علي، وعبد الله بن الحسن، وابناه محمد، وإبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان، فقال لهم صالح بن علي:
إنكم القوم الذين تمتد أعين الناس إليهم، فقد جمعكم الله في هذا الموضع، فاجتمعوا على بيعة أحدكم، فتفرقوا في الآفاق، وادعوا الله، لعل الله أن يفتح عليكم وينصركم.
فقال أبو جعفر: لأي شئ تخدعون أنفسكم، والله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أميل أعناقا، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى يعني محمد بن عبد الله -.
قالوا: قد والله صدقت، وإنا لنعلم هذا. فبايعوا جميعا محمدا، وبايعه إبراهيم الامام، والسفاح، والمنصور، وسائر من حضر، فذلك الذي أغرى القوم لمحمد بالبيعة التي كانت في أعناقهم.
قال: ثم لم يجتمعوا إلى أيام مروان بن محمد. ثم اجتمعوا فبينا هم يتشاورون إذ جاء رجل إلى إبراهيم فشاوره بشئ فقام، وتبعه العباسيون، فسأل العلويون