خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
ومقتضى هذه الأدلة حرمة المدح طمعا في الممدوح، وأما لدفع شره فهو واجب (1)، انتهى.
ولكنه (رحمه الله.) كان معذورا فيما قاله فيهم حفظا لنفسه أو لكافة الشيعة عن شرورهم، وأما بعده وبعدهم فحفظ هذه الاشعار وكتبها ونسخها ونشرها وقراءتها لا يخلو من شبهة التحريم، فإنه داخل في عموم النص والفتوى، والسيد أجل وأعلى من أن يحتاج في ثبوت مقام فضله وكماله إلى أشعاره، وإن كان ولا بد ففي ما أنشده في رثاء أهل البيت عليهم السلام مندوحة عن نشر مدائح أعدائهم أعداء الله.
قال طاووس آل طاووس رضي الدين في كشف المحجة في وصاياه لولده:
وإياك وتقليد قوم من المنسوبين إلى علم الأديان، وكونهم قالوا الشعر، ومدحوا به ملوك الأزمان، فإنهم مخاطرون بل هالكون أو نادمون إن كانوا ما تابوا منه، ويودون يوم القيامة أنهم كانوا أخراسا عنه، ولقد تعجبت منهم كيف دونوه وحفظوه وكان يليق بعلومهم أن يذهبوه ويبطلوه، أو يرفضوه، أما ترى فيه يا ولدي - مدح من الله جل جلاله ورسوله وخاصته ذامون لهم، وساخطون عليهم، أما في ذلك مفارقة لله جل جلاله وكسر حرمة الله جل جلاله وأئمتهم الذين هم محتاجون إليهم (2)؟!... إلى آخره.
وهو كلام حسن متين، وان اشمأزت منه نفوس البطالين.
هذا، وليعلم ان كتابه نهج البلاغة - الذي تفتخر به الشيعة، وتبتهج به الشريعة، المنعوت في كثير من الإجازات بأخ القرآن في قبال أخته التي هي الصحيفة الكاملة السجادية - له شروح كثيرة دائرة ومستورة، وما يحضرني الآن منها:

(1) المكاسب: 54.
(2) كشف المحجة: 135.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»