خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٢٠٣
الناظر كيف ناقض ذيل كلامه صدره، إلا أني أذكر من باب المثال قوله: ومما يحقق لك أيضا جميع ما ذكرناه كثرة ما يوجد في ديوان هذا الرجل العظيم الشأن من قصائد (1) مديح الخلفاء والأعيان، وشواهد الركون إلى أهل الديوان، مع عدم محضور له في ترك هذا التملق، وظهور المباينة بين قوله هذا وفعله الذي أفاد في الظاهر أن لا تقيد له باهل الدنيا، ولا تعلق، وكذا من أشعار الغزل والتشبيب، وصفة الخد والعارض والعذار من الحبيب، وأشعار المفاخرة بالأصل والنسب... إلى آخر ما قال مما كاد [أن]، تزول منه الجبال.
بل نقول: مضافا إلى أن قوة النظم، وملكة الشعر في عالم وان فاتت أئمته لا يعد من الكمالات التي تطلب من حفاظ الشرع، وسدنة الدين، وإنه (رحمه الله) في نظمه ذلك كان معذورا، بل ربما كان عليه واجبا، ولكن نشره من بعده، وبعد قطع دابر الظالمين ترويج للباطل، فإن الفقهاء قد نصوا في أبواب المكاسب أن مدح من لا يستحق المدح أو يستحق الذم، حرام.
وقال الشيخ الأعظم الأنصاري (طاب ثراه): والوجه فيه واضح من جهة قبحه عقلا، ويدل عليه من الشرع قوله تعالى: * (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) * (2).
وعن النبي صلى الله عليه وآله: من عظم صاحب دنيا وأحبه طمعا في دنياه سخط الله عليه، وكان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار (3).
وفي النبوي الاخر - الوارد في حديث المناهي -: من مدح سلطانا جائرا، أو تخفف أو تضعضع له طمعا فيه، كان قرينه في النار (4).

(١) في الحجرية: فضائل، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) هود ١١: ١١٣.
(٣) ثواب الأعمال: ٣٣١ / ١.
(٤) الفقيه ٤: ٦.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»