خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ١٣٦
ومن عجيب ما ذكره في الفصل الذي عقده لذكر بغضهم أهل البيت عليهم السلام، وأنهم يدعون محبتهم، وجوارحهم لهم مكذبة.
قال: ومن عجيب أمرهم ها سمعته أنهم في المغرب بمدينة قرطبة يأخذون في ليلة عاشوراء رأس بقرة ميتة ويجعلونه على عصا ويحمل ويطاف به الشوارع والأسواق، وقد اجتمع حوله الصبيان ويصفقون ويلعبون، ويقفون به على أبواب البيوت، ويقولون: يا ستي المروسنة أطعمينا المطنفسة، يعنون القطائف، وأنها تعد لهم، ويكرمون ويتبركون بما يفعلون.
وحدثني شيخ بالقاهرة من أهل المغرب كان يخدم القاضي أبا سعيد بن العارفي، أنه كان ممن يحمل هذا الرأس في المغرب وهو صبي في ليلة عاشوراء.
أفترى هذه من فرط المحبة لأهل البيت عليهم السلام، وشدة التفضيل لهم على الأنام؟
وقد سمع هذه الحكاية بعض المتعصبين لهم، فتعجب منها وأنكرها، وقال: ما يستجيز مؤمن أن يفعلها.
فقلت: أعجب منها حمل رأس الحسين عليه السلام بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما على رمح عال، وخلفه زين العابدين عليه السلام مغلول اليدين إلى عنقه، ونساؤه وحريمه معه سبايا مهتكات على أقتاب الجمال، يطاف بهم البلدان، ويدخل بهم الأمصار التي أهلها يظهرون الاقرار بالشهادتين، ويقولون: إنهم من المسلمين، وليس فيهم منكر، ولا أحد منفر، ولم يزالوا بهم كذلك إلى دمشق، وفاعلو ذلك يظهرون الاسلام، ويقرأون القرآن، ليس منهم إلا من تكرر سماعه قول الله سبحانه. * (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * (1) فهذا أعظم من حمل رأس بقرة في بلدة واحدة.
ومن عجيب قولهم أن أحدا لم يشر بهذا الحال، ويستبشر بما جرى فيها

(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»