المشايخ كالكليني والصدوق والطوسي واضرابهم ممن تصلوا بأهل البيت عليهم السلام عبر سلسلة من الرواة فحسب، بل نجاوز هذا النمط من الترتيب، ولو لم يكن عمله في هذه الفائدة إلا هو لكان جديرا بأن يحظى باهتمام العلماء الأعلام خصوصا المشتغلين منهم بفن الحديث الشريف رواية ودراية، لما فيه من فوائد وعوائد تكشف للعيان مبلغ اهتمام الشيعة البالغ في الحفاظ على طريقة التحدث المثلى في سائر العصور.
نعم لم يكتف المصنف - قدس سره - بذلك، حيث أطال الوقوف على عدد غفير من المشايخ العظام، مبينا منزلتهم العلمية، وما أحاطت بحياتهم من حوادث وقصص طريفة لم يلتفت إليها العلماء، ولم تعتن بها كتب الرجال.
فهو يذكر أسمائهم، وكناهم، وأنسابهم، وأحسابهم، وألقابهم، ومناطق سكناهم، ورحلاتهم، وأسفارهم، وإجاراتهم، وعلاقات بعضهم ببعض، ودرجة القربى فيما بينهم سببا أو نسبا، مع شئ من أقوالهم، وأشعارهم، ومناظراتهم، ونوادرهم، وتهانيهم بأفراحهم، وتعازيهم بأحزانهم، وتراحمهم، وتوادهم وتعاطفهم مع تفصيل مصنفاتهم ومؤلفاتهم، وبيان تقواهم وتمسكهم بحبل الولاء وعرى الايمان، وما قيل بشأنهم، بل لم ينس حتى منامات بعضهم في حق بعض، ومن ضاعت منه كتبه، أو تلفت، أو سرقت، أو ظهرت بعد وفاته ونسبت لغيره اشتباها، وكثير ما يؤكد على تاريخ ولاداتهم، ووفياتهم، ومن صلى على جنائزهم، ومكان قبورهم، بما يعد تاريخا عظيما وسجلا حافلا لكل ما اتصل بمشايخ الإجازات - تغمدهم الله تعالى برحمته الواسعة وأجزل الثواب لهم - وعلى امتداد عشرة قرون تقريبا.
وقد انتهى به المطاف - على هذا النهج - إلى الشيخ أبي علي الحسن ابن شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي - أعلى الله تعالى