عليه وآله، فما أرى أحدا يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، قد باتوا سجدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، مادوا كما تميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفا من العقاب، ورجاء للثواب) (١).
والتحقيق: أن يقال في أمثال هذه الأخبار: إن أصحابه صلى الله عليه وكانوا على هذه الصفات، فمن كان ممن لقيه صلى الله عليه وآله حاويا لها كان من أصحابه، ومن فقدها كان في زمرة المنافقين، خارجا عن اسم الصحابة، كما يشهد لذلك قوله تعالى: ﴿والذين معه أشداء على الكفار﴾ (2) الآية، على ما حقق في محله.
وما في المصباح أيضا إيماء إلى ذلك حيث قال: واعلم أن الله تعالى اختار لنبيه من أصحابه طائفة أكرمهم بأجل الكرامة، إلى آخر ما ذكره، فلا حظ) (3).
أو يقال: إن هذه المدائح للذين كانوا في عصره، لا لمن بقي بعده وأحدث، ولعل الأصل فيهم الصحة والسلامة، إلا من عرف بالنفاق والخيانة.
ففي الخصال: بالسند الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله اثنا عثر ألف رجل، ثمانية آلاف رجل من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء لم ير فيهم قدري، ولا مرجئ، ولا حروري، ولا معتزلي، ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار، ويقولون: إقبض أرواحنا قبل أن نأكل خبز الخمير (4). ولعل فيه