التوسل بكلامه، والتمسك بمرامه، فذكر في مقام حال الصحابة ما يصير سببا لاستئناسهم وإلفتهم، ورغبتهم في النظر إليه والتدبر فيه، الموجب لولوج علو شأنه عليه السلام وعظم مقامه في صدورهم وقلوبهم، ويهون عليهم مقام البصري، واليماني، ويصغر في أعينهم البلخي، والبناني.
ثم نقول بعد ذلك: إن ما فيه في مدح الصحابة دون ما في الصحيفة الكاملة، من الصلاة على أتباع الرسل، قال عليه السلام: (اللهم وأصحاب محمد صلى الله عليه وآله، خاصة الذين أحسنوا الصحابة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه (1)، وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا (الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا) (2) الاباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين عل محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر وتعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات، إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك، وبما حاشوا (3) الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم (4).
بل مدحهم أمير المؤمنين عليه السلام بها فوق ذلك، ففي حديث أبي أراكة، الذي رواه جماعة من المشايخ بطرق متعددة، ومتون مختلفة، بالزيادة والنقيصة، وهو على لفظ السيد في النهج: (لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله