الأحاديث والروايات والطرق في وقت واحد، مع احتمال غفلته عن شهادة الكليني بصحته كتابه في ذلك الوقت.
فان قلت: هب أن القرائن ظهرت عند القدماء فكيف يجب على المتأخرين تقليدهم فيها؟ ثم إنهم قد يختلفون في إثباتها ونفيها في بعض المواضع.
قلت: أكثر القرائن كما مر قد بقيت إلى الان، وقد تجدد قرائن اخر وما لم يبق فروايتهم له وشهادتهم به قرينة كافية، لأنه خبر واحد محفوف بالقرينة لثقة راويه وجلالته، واعترافهم بالقرائن من جملة القرائن عندنا، ونفي بعضهم لها في بعض المواضع لا يضر لأنه نفي غير محصور، وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، وغايته عدم الظهور المنافي لاشتغاله بتحقيق غيره من العلوم، أو لكثرة تتبعه لكتب العامة وأحاديثهم خالية من القرائن أو غفلته عنه ما في ذلك الوقت، سلمنا لكن اللازم التوقف في ذلك الموضع بعينه لا في غيره.
فان قلت: قد ورد في حديث عمر بن حنظلة (3) الامر بالعمل بخبر الثقة وترجيحه على رواية غيره بل ترجيح رواية الأوثق على رواية الثقة، وهذا يصلح سندا للاصطلاح الجديد مع قوله تعالى: " أن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " وما ادعاه بعضهم من انسداد باب القرائن.
قلت: أما الترجيح فلا شك فيه ولا ينافي كون المرجوح ثابتا واردا للتقية أو نحوها كما في متشابهات القرآن، وذلك عند عدم وجود مرجح آخر أقوى منه كالتقية وهو مخصوص أيضا بما إذا لم يوجد الحديثان في كتاب معتمد صحيح بل يكون الحديثان قد رواهما رجلان ولم يعلم ثبوتهما في الأصول والكتب المعتمدة وهذا ظاهر من حديث عمر بن حنظلة، ولا دلالة له على جواز العمل بذلك في غير محل التعارض ولا في أحاديث الكتب المشهود لها بالصحة أو المعروضة على الأئمة عليهم السلام، والاعتماد على القياس في مثله غير معقول، وليس فيه عموم شامل