سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: نعيت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه وهو صحيح ليس به وجع، قال: نزل به الروح الأمين، قال: فنادى (صلى الله عليه وآله) الصلاة جامعة وأمر المهاجرين والأنصار بالسلاح واجتمع الناس، فصعد النبي (صلى الله عليه وآله) المنبر فنعى إليهم نفسه ثم قال: «اذكر الله الوالي من بعدي على امتي ألا يرحم على جماعة المسلمين فأجل كبيرهم ورحم ضعيفهم ووقر عالمهم ولم يضر بهم فيذلهم ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ولم يخبزهم في بعثهم فيقطع نسل امتي، ثم قال: [قد] بلغت ونصحت فاشهدوا». وقال أبو عبد الله (عليه السلام) هذا آخر كلام تكلم به رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منبره.
* الشرح:
قوله (نعيت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه) النعي خبر الموت، وهو يتعدى بنفسه، يقال نعى الميت ينعاه - من باب علم - إذا أذاع موته وأخبر به وإذا ندبه، فتعديته بإلى للتأكيد والمبالغة أو لتضمين معنى الإلقاء، والناعي ههنا هو نفسه المقدسة بإلهام رباني أو بنفخ روح القدس وهو الأظهر لقوله (نزله به الروح الأمين).
قوله (وأمر المهاجرين والأنصار بالسلاح) السلاح - بالكسر -: آلة الحرب، ولعل الغرض من أمرهم بالسلاح هو أن ينظر إلى شدة بأسهم واستعدادهم.
قوله (أذكر الله الوالي) (1) تقول أذكرته إذا جعلته على ذكر منه.
قوله (ألا يرحم) «الا» حرف التحضيض للتحريض على الرحمة والحث عليها.
قوله (فأجل كبيرهم) عدل عن المضارع إلى الماضي لإظهار الحرص على وقوع الفعل، وقد روى عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال «من إجلال الله ذي الشيبة المسلم» قيل وسر ذلك أنه أكبر سنا وأعظم تجربة (2) وأكيس حزما وأقرب من الرجوع إلى الله تعالى.