ولعل المراد أن بيان الواجبات مطلقا أصلية كانت أو فرعية على الله وليس عليهم النظر في تحصيل معارفه وأحكامه، ومن لطف الله تعالى علينا أنه من علينا بنعمة هي الهداية وجعل قبول تلك النعمة شكرا لها وتركها كفرانا، فسبحانه ما أرفع شأنه وأعظم امتنانه، (وعن قوله) عطف على قوله «في قول الله تعالى» (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) قال: عرفناهم سبيل الحق وهو طريق التوحيد والمعرفة وغيرهما من الأحكام (فاستحبوا العمى على الهدى) واختاروا الضلالة على الهداية (وهم يعرفون) سبيل الحق والهداية أو التفاوت بينهما وبين الضلالة، والواو للحال عن ضمير الجمع (وفي رواية بينا لهم) أوضحنا طريق الهداية فاختاروا طريق الضلالة بعد البيان والإيضاح.
* الأصل:
4 - «علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن بكير، عن حمزة بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وهديناه النجدين) قال:
نجد الخير والشر».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن بكير، عن حمزة بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تعالى: (وهديناه النجدين) قال: نجد الخير والشر) أي عرفناه سبيلهما والنجد في الأصل الطريق الواضح المرتفع وفيه دلالة على أن الهداية تطلق على إراءة طريق الشر أيضا.
وقال سيد المحققين: إذا اريد تخصيص الهداية بالخير، قيل أي نجدي العقل النظري والعقل العملي وسبيلي كمال القوة النظرية وكمال القوة العملية أو نجدي المعاش والمعاد أو نجدي الدنيا والآخرة أو نجدي الجنة والثواب والفناء المطلق في نور وجه الله والبهجة الحقة للقاء بقائه.
* الأصل:
5 - «وبهذا الاسناد، عن يونس، عن حماد، عن عبد الأعلى قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال: لا، قلت: فهل كلفوا المعرفة؟
قال: لا، على الله البيان، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها، قال: وسألته عن قوله: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه».