شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٥٠
الخلق ما يرضيه وما يسخطه من الامور الفطرية التي في القلوب بإلهام فطري إلهي (1) وذلك كما قالت الحكماء الطفل يتعلق بثدي امه بإلهام فطري إلهي وتوضيح ذلك أنه تعالى ألهمهم بتلك القضايا، أي خلقها في قلوبهم وألهمهم بدلالات واضحة على تلك القضايا، ثم أرسل إليهم الرسول وأنزل عليه الكتاب فأمر فيه ونهى فيه، وبالجملة لم يتعلق وجوب ولا غيره من التكليفات إلا بعد بلوغ خطاب الشارع، ومعرفة الله تعالى قد حصلت لهم قبل بلوغ الخطاب بطريق إلهام بمراتب وكل من بلغته دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) يقع في قلبه من الله يقين بصدقه فإنه تواتر الأخبار عنهم (عليهم السلام) بأنه «ما من أحد إلا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه قبله أو تركه» وقال في الحاشية عليها قد تواترت الأخبار أن معرفة خالق العالم ومعرفة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ليستا من أفعالنا الاختيارية، وأن على الله بيان هذه الامور وإيقاعها في القلوب بأسبابها (2) وأن على الخلق بعد أن أوقع الله تعالى تلك المعارف الإقرار بها والعزم على العمل بمقتضاها، ثم قال في موضع آخر منها: قد تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بأن طلب العلم فريضة على كل مسلم كما تواترت بأن المعرفة موهبية غير كسبية، وإنما عليهم اكتساب الأعمال فكيف يكون الجمع بينهما؟ أقول: الذي استفدته من

١ - قوله «بإلهام فطري إلهي» هذا صحيح ولكن يوجب الاستعداد والتهيؤ وسهولة القبول لا حصول المعرفة بالفعل كما أن تعلق الطفل بثدي أمه وشهوة مص اللبن لا يوجب امتلاء بطنه وشبعه واستغنائه عن الحضانة والإرضاع وتربية الأم وإنما يفيد ذلك رغبة الطفل واستعداده لقبول الإرضاع ولو لم يكن في الطفل شهوة بالفطرة كان رضاعه نظير شرب الدواء بالقهر والكراهة، كذلك استعداد الإنسان لقبول معرفة الله يوجب سهولة تأثير وعظ الأنبياء وتعلم أصول المعارف ولو لم يكن الفطرة لم يسهل عليهم ولتركوا الدين بموت الأنبياء وفقد الأوصياء وغيبتهم. أيضا لو كان قول الأسترآبادي صحيحا وكان الإلهام الفطري كافيا في صيرورة المعارف بالفعل فما معنى قوله: إنه لابد من معلم من جهته تعالى وما فائدة ورود الآيات الكثيرة في القرآن في الحث على التدبر في آيات الله تعالى والاعتبار بالحكم والمصالح؟ ونعلم أن الأمر بذلك أكثر من آيات التكاليف والفروع ولم يرد في المعاملات والنكاح والحدود إلا آيات معدودة. وأما في معرفة الله تعالى فما من صفحة من صفحات المصحف إلا وفيه شيء في التوحيد والمعرفة. (ش) 2 - قوله «وايقاعها في القلوب بأسبابها» هذا صحيح والله تعالى قضى وقدر حصول العلوم بأسبابها كما قدر وقضى سائر الأمور أيضا بأسبابها ومن أسباب المعرفة انظر أو الاستدلال كما أن سبب الرزق السعي في المكاسب وسبب الشفاء التوسل بالطب والأدوية في الجملة وإفاضة الخير من الله تعالى مطلقا. (ش)
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354