الخلق ما يرضيه وما يسخطه من الامور الفطرية التي في القلوب بإلهام فطري إلهي (1) وذلك كما قالت الحكماء الطفل يتعلق بثدي امه بإلهام فطري إلهي وتوضيح ذلك أنه تعالى ألهمهم بتلك القضايا، أي خلقها في قلوبهم وألهمهم بدلالات واضحة على تلك القضايا، ثم أرسل إليهم الرسول وأنزل عليه الكتاب فأمر فيه ونهى فيه، وبالجملة لم يتعلق وجوب ولا غيره من التكليفات إلا بعد بلوغ خطاب الشارع، ومعرفة الله تعالى قد حصلت لهم قبل بلوغ الخطاب بطريق إلهام بمراتب وكل من بلغته دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) يقع في قلبه من الله يقين بصدقه فإنه تواتر الأخبار عنهم (عليهم السلام) بأنه «ما من أحد إلا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه قبله أو تركه» وقال في الحاشية عليها قد تواترت الأخبار أن معرفة خالق العالم ومعرفة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ليستا من أفعالنا الاختيارية، وأن على الله بيان هذه الامور وإيقاعها في القلوب بأسبابها (2) وأن على الخلق بعد أن أوقع الله تعالى تلك المعارف الإقرار بها والعزم على العمل بمقتضاها، ثم قال في موضع آخر منها: قد تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بأن طلب العلم فريضة على كل مسلم كما تواترت بأن المعرفة موهبية غير كسبية، وإنما عليهم اكتساب الأعمال فكيف يكون الجمع بينهما؟ أقول: الذي استفدته من
(٥٠)