(وجهله من جهله) وذاك الباب رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام). ويحتمل أن يكون المراد أن ذاك العلم والباب رسول الله ونحن، من باب اللف والنشر المرتب كما يرشد إليه قوله: «أنا مدينة العلم وعلي بابها».
* الأصل:
8 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء ابن زرين، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله، فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في مربضها، فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها، فصاح بها الراعي: الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة، متحيرة، تائهة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها; فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها; وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عز وجل ظاهر عادل أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد.
* الشرح:
قوله: (كل من دان الله بعبادة): أي أطاعه بها، والدين الطاعة.
قوله: (يجهد فيها نفسه) في المغرب جهده حمله فوق طاقته من باب منع وأجهد لغة قليلة، والجهد: المشقة والمعنى يكلف نفسه مشقة في العبادة وتحملها.
قوله: (ولا إمام له من الله) أي من قبل الله تعالى واختياره سواء كان له إمام باختيارهم أم لم يكن.
قوله: (فسعيه غير مقبول) لأن العمل لله تعالى لا يتصور إلا بتوسط هاد مرشد إلى دين الله وشرائطه وكيفية العمل به، والعامل المعتمد برأيه أو بإمام اختاره لنفسه وإن قصد الصلاح في عمله واجتهد فيه فإنه يقع في الباطل فيحصل انحراف من الدين وضلال عن الحق فيضيع العمل ويخسر الكدح كدأب الخوارج والعامة العادلين عن العترة الطاهرين وإليهم يشير قوله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) الآية.