شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٣٦
بما يجب الإقرار به، والإقرار ثمرة التصديق بالله وبرسوله وأولي الأمر، والتصديق ثمرة اليقين بالله وبرسوله وبما جاء به الرسول، واليقين ثمرة التسليم، فالعمل الصالح ثمرة التسليم كما في خبر الكتاب إلا أن طريق البيان مختلفة، ويحتمل أن يجعل خبر النهج حقا في التصديق ومبالغة في مدحه ومدح المتصف به، وذلك بأن يجعل التصديق بالله وبرسوله وبالأئمة الطاهرين أصلا رفيعا عاليا يتوجه إليه الطرفان، فالعمل الصالح ثمرة الأداء والأداء ثمرة الإقرار والإقرار ثمرة التصديق، والإسلام يعني دين الحق ثمرة التسليم، والتسليم ثمرة اليقين، واليقين ثمرة التصديق، وإنما قال:
هذا ذاك مع أنهما متغايران لشدة الاتصال بينهما فليتأمل.
قوله: (لا يصلح أولها إلا بآخرها) يعني لابد من التسليم للجميع ولا ينفع تسليم الواحد والاثنين والثلاثة وإنما اقتصر بالثلاثة لأنه إذا ضل صاحبها ضل غيره بالطريق الأولى.
قوله: (تاهوا تيها بعيدا) تاه في الأرض: ذهب متحيرا، شبه تحيرهم في الدين بتحير مسافر ضل الطريق لا يهتدي لها، ووصفه بالبعد مبالغة لوغولهم في الضلالة وبعدهم عن الحق.
قوله: (إن الله تبارك تعالى لا يقبل إلا العمل الصالح) وهو المشتمل على جميع الامور المعتبرة في تحقيقه شرعا سواء كانت داخلة في حقيقته أو خارجة عنها، ومن جملة ذلك التسليم للأبواب الأربعة وهو شرط الله تعالى وعهده وميثاقه على عباده في صلاح العمل وقبوله ووعده بالأجر، وظاهر أنه تعالى لا يقبل من العباد إلا الوفاء بالشرط والعهد وعدم غدره فيهما، فمن وفاه بشرطه وارتكب ما عينه في عهده ولم يغدر نال ما عنده من الثواب واستكمل وعده في الأجر واستحق القرب والكرامة وهو مثل أن يقول أحدنا: كل من دخل علي في هذا الباب فله كذا فكل من دخل فيه استحق ما وعده ومن دخل في غيره لا يستحقه بل يستحق اللوم لعدم الإذن فيه. وقد أخبر الله تعالى عباده بطريق الهدى وهو طرق الشرع الموصلة إلى مقام قربه وكرامته ووضع لهم في تلك الطرق الخفية أعلام الهداية وهي الحجج (عليهم السلام) وأخبرهم بكيفية السلوك باقتفاء آثارهم واتباع أقوالهم وأعمالهم فقال: (إني لغفار لمن تاب) عن الباطل ورجع إلي وإلى الحجة.
«وآمن» بي وبه وعمل صالحا يبينه لهم «ثم اهتدى» فعلم أنه لا تتحقق المغفرة والاهتداء بدون ذلك وقال أيضا: (إنما يتقبل الله من المتقين) وهم الذين يتمسكون بما جاء به الرسول ولا يتجاوزونه أصلا ويقومون على ما أمر الله تعالى به فعلم منه أنه تعالى لا يقبل عملا ممن خالف أمره ونهيه فمن أتقى الله فيما أمره به ولم يخالفه فيه، ومن جملة ما أمره به متابعة الحجة، لقى الله يوم القيامة مؤمنا بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله)، هيهات هيهات فات قوم في الضلالة وماتوا قبل أن يهتدوا إلى الله تعالى وإلى الحجة وظنوا أنهم آمنوا بربهم والحال أنهم أشركوا من حيث لا يعلمون حيث إنهم
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354