شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٧٦
صدورها إلى غيره أصلا ووجودات الأشياء في المبدئية لآثارها تحتاج إلى غيرها من جهات شتى كما لا يخفى، فلا تشارك في المبدء أيضا إلا باعتبار الاسم، لا يقال: ما ذكرته من أن وجوده عين ذاته (1) مناف لقوله (عليه السلام): «نعم» أي نعم فله إنية ومائية لأنه يفيد أن وجوده مغاير لذاته، لأنا نقول:
المراد بالمغايرة المغايرة الاعتبارية فإنه ذات من حيث هو ووجود من حيث أنه مبدء كما أنه ذات وقدرة وعلم باعتبار الحيثيات ولا يوجب ذلك التكثر في الذات وإنما التكثر في الأمور الخارجة عنها، وقد يقال: المراد بإنيه الواجب وإنية الممكن الأمر المنتزع من الحقيقة العينية الذي يعبر عنها بحصولها في الأعيان وهذا الأمر المنتزع مغاير لجميع الحقايق العينية حتى لحقيقة الواجب أيضا ولا يلزم أن يكون للواجب صفة زايدة عن ذاته لأن هذا المنتزع أمر اعتباري (2) لا تحقق له في الخارج.
(قال له السائل: فله كيفية؟) كأنه توهم من ثوبت الإنية له ثبوت الكيفية له وقصده من ذلك السؤال هو التقرير وإلا لزم بأن ثبوت الكيفية له مناف لما ذكرته من أنه لا يشابه خلقه.
(قال: لا لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة) يعني أن كيفية الشيء منشأ لاتصافه بصفة وتحديده بها وإحاطتها به (3) مثل اتصافه بالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة واللينة والصلابة واللزوجة

1 - قوله «من أن وجوده عين ذاته» لا يريب أن وجوده تعالى عين ذاته كما ذكره الشارح والأنية في كلام الإمام (عليه السلام) بمعنى الوجود والمائية بمعنى الماهية بلا إشكال وأثبت (عليه السلام) لكل شيء حتى لواجب الوجود ماهية وهذا ينافي ما اختاره الشارح من أنه لا ماهية له تعالى غير الوجود وأيضا يخالف أظهر الاحتمالين في قوله (عليه السلام) «لم أحده ولكني أثبته» إذ معناه أني أثبت وجوده من غير أن أثبت له ماهية، والجواب أن الماهية قد تطلق ويراد بها ما به الشيء هو وأن كل نفس الوجود وبهذا المعنى يقال: الحق ماهيته إنيته، فلواجب الوجود إنية أي وجود وهو واضح وماهية أي ما به هو ولكنه عين وجوده بخلاف الممكنات فإن ما به هو فيها غير الوجود. (ش) 2 - قوله «لأن هذا المنتزع أمر اعتباري» وبذلك يدفع إشكال الفخر الرازي وغيره من أمثاله. بيانه أنكم تقولون لا يمكن معرفة حقيقته تعالى وذاته للانسان ثم تقولون إن حقيقته عين الوجود وتقولون إن الوجود بديهي وهو أعرف الأشياء وهذا يوجب أن يكون ذاته تعالى معلومة للبشر والجواب أن مفهوم الوجود العام البديهي ليس عين ذات الواجب تعالى بل حقيقة الوجود الخاص به وهذا نظير مفهوم المرض والدواء فإن هذين بديهيان يعرفهما جميع أفراد الإنسان من البدوي والقروي والجاهل والعالم وقد يشتري من الصيادلة دواء يعرفه باسمه ويعلم أنه دواء ولا يعرف حقيقته وأنه مركب من أي أجزاء وعناصر أو بسيط ومأخوذ من أي نبات أو معدن بالجملة فمعرفة الوجود العام نظير معرفة الدواء العام لا يوجب معرفة حقيقته المشخصة. (ش) 3 - قوله «واحاطتها به» والأظهر أن يقال المراد إحاطة ذهن الإنسان به لأنه إذا كان له تعالى كيفية جاز للإنسان أن يصفه بتلك الكيفية ويحيط ذهنه به علما ولذلك قال بعده «لا بد له من إثبات أن له كيفية لاستحق لها غيره» وبينه الشارح بأبلغ وجه ولكن يجب أن يحمل الاشتراك الاسمي في كلامه على اختلاف مصاديق الألفاظ لا اختلاف المفاهيم إذ ليس مفهوم الوجود المطلق على الله تعالى غير مفهومه المطلق على الممكنات حتى يثبت الاشتراك اللفظي بل الاختلاف في المصاديق وكذلك العلم والقدرة وغير ذلك. (ش)
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست