أقسام لأنه إما خير محض أو خير غالب، أو شر محض أو شر غالب أو خير وشر على السواء وهو تعالى يريد الأولين بالذات من حيث أنهما خير وإرادته الشر التابع للثاني إنما هو بالعرض من جهة أنه تابع للخير للغالب لا بما هو شر ولا يريد الثلاثة الأخيرة أصلا لا بالذات ولا بالعرض، ومن ثم انحصر فعله تعالى في الخير المطلق والخير الغالب على الشر.
(فلو كانت الإرادة من صفات الذات مثل العلم والقدرة كان ما لا يريد ناقضا لتلك الصفة) أي صفة الإرادة وذلك لأن ما يريد على تقدير كون الإرادة من صفات الذات معناه أنه يريد جميع الأشياء ولا يريد معناه أنه لا يريد بعضها وهو نقيض لما يريد ضرورة أن الايجاب الكلي يناقضه السلب الجزئي.
(ولو كان ما يحب من صفات الذات كان ما يبغض ناقضا لتلك الصفة) أي صفة المحبة لمثل ما عرفت (ألا ترى أنا لا نجد في الوجود ما لا يعلم وما لا يقدر عليه) أوضح بذلك أن كل واحدة من الإرادة والمحبة ليست من صفات الذات مثل العلم والقدرة فإن العلم والقدرة لما كانا من صفات الذات كانا متعلقين بكل ما يدخل في الوجود ولا يجوز نفيهما بالنسبة إلى بعض وإن كان شرا مطلقا فإنه تعالى عالم بالشرور بالذات كما أنه عالم بالخيرات بخلاف الإرادة والمحبة فانا نجد في الوجود ما لا يتعلقان به كالشرور والقبايح وإنما يتعلق به نقيضهما.
(وكذلك صفات ذاته الأزلي) الأزلي صفة للذات والتذكير باعتبار المعنى أو صفة للصفات والتذكير باعتبار الوصف (لسنا نصفه بقدرة وعجز) لأن العجز نقص ينشأ من عدم القدرة أو من انتهائها قبل التعلق بجميع المقدورات وذلك عليه جل شأنه محال ([وعلم وجهل وسفه وحكمة وخطأ وعزة] وذلة) فيه حذف بقرينة المقام أي لسنا نصفه بعزة وذلة لأن الكلام في عدم جواز وصفه بصفة ذاتية وضدها، ويحتمل أن يكون الذلة مثل العجز ضد القدرة.
فإن قلت: تفسير هذه الجملة دل على أمرين كل واحد منهما خلاف ما هو المعروف عند المحققين: الأول أن الإرادة ليست من الصفات الذاتية، والثاني أن الإرادة غير العلم لأن علمه تعالى متعلق بالشرور بالذات وإرادته غير متعلق بها فلزم من ذلك أن الإرادة غير العلم.
قلت: المراد بالإرادة في هذا الباب الإرادة الحادثة التي هي وراء الصفات الذاتية ووراء الذات أعني الإيجاد والإحداث كما مر في حديث صفوان وأما الإرادة القديمة التي هي من الصفات الذاتية ونفس العلم بالخيرات عند المحققين فإنها مسكوت عنها نفيا وإثباتا.
(ويجوز أن يقال يحب من أطاعه ويبغض من عصاه ويوالي من أطاعه ويعادي من عصاه وأنه يرضى ويسخط) جواز هذا القول دل على أن هذه الصفات صفات الفعل لما أن صفات الذات لا