شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٣
القلب وتحرك النفس من حال إلى حال لإرادة الانتقام وإيقاع السوء والعقاب بالمغضوب عليه وكان ذلك من خواص المخلوق القابل للانفعال والتغير من حال إلى حال أشكل ذلك على السائل فسأل عن المقصود منه.
(فقال أبو جعفر (عليه السلام): هو العقاب) أي عقاب العاصي وعذاب المخالف لأوامره ونواهيه مجازا من باب إطلاق السبب على المسبب والأثر على المؤثر وعلى هذا، المراد برحمته التي في الأصل رقة القلب إثابة المطيع والإحسان إليه بالإنعام والإكرام وقد فسر رحمته وغضبه بهذا الوجه جماعة من المتكلمين، وقال بعضهم: المراد بهما إرادة العقوبة والإثابة، ولعل هذا القول يعود إلى الأول لما عرفت من أن إرادته عبارة عن الإحداث والإيجاد، وبعض العامة حملها على الإرادة الأزلية التي هي العلم بعقوبة العاصي وإثابة المطيع ويلزم‍ [ه] العقوبة والإثابة ولذلك قال الرحمة والغضب من صفاته الذاتية وهما على ما ذكره (عليه السلام) من الصفات الفعلية، ولما أشار (عليه السلام) إلى المقصود من الغضب أشار إلى عدم جواز حمله فيه جل شأنه على المعنى المعروف في الخلق بقوله (يا عمرو إنه من زعم أن الله قد زال من شيء إلى شيء) وانتقل من حال إلى حال بأي وجه وأي سبب كان.
(فقد وصفه صفة مخلوق) ومن وصفه بصفة مخلوق فقد أشرك به وأقر بإله سواه، وقوله «صفة مخلوق» إما مفعول مطلق أو منصوب بنزع الخافض (وإن الله تعالى) عطف على قوله «إنه زعم) (لا يستفزه شيء فيغيره) أي لا يستخفه ولا يفزعه شيء ولا يزعجه ولا يطيره أمر فيغيره من حال إلى حال ومن صف إلى وصف لأن ذلك من لواحق الإمكان القابل للانفعال من الغير وقدس الحق منزه عنها.
* الأصل:
6 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فكان من سؤاله أن قال له: فله رضا وسخط؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): نعم ولكن ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين وذلك أن الرضا حال تدخل عليه فتنقله من حال إلى حال لأن المخلوق أجوف معتمل مركب، للأشياء فيه مدخل، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنه واحد واحدي المعنى فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال، لأن ذلك من صفة المخلوقين والعاجزين المحتاجين.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فكان من سؤاله أن قال له: فله رضا وسخط) غرضه من هذا السؤال إما
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست