شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٩
من طرفة عين وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب» أقول:
المراد بالحرف الاسم وإطلاقه عليه شايع والمراد بهذا الاسم المكنون هو هذا الحرف الذي عند الله تعالى مستأثر به في علم الغيب وقد سكت الناظرون في هذا الحديث وهم محققون في السكوت عن أمثال هذه الغوامض إلا أنهم أخطأوا في تعيين هذا الاسم المكنون فقال بعضهم إنه الهاء وقال بعضهم إنه اللام وقال بعضهم إنه الألف كذا نقل عنهم بعض الأفاضل ولا أدري ما يعنون بذلك.
(فهذه الأسماء التي ظهرت فالظاهر هو الله تعالى) أي الظاهر البالغ (1) إلى غاية الظهور وكماله من بينها هو الله تعالى، ويؤيد أنه يضاف غيره إليه ويعرف به، فيقال «الرحمن» اسم الله، ولا يقال «الله» اسم الرحمن، وليس المراد أن المتصف بأصل الظهور هو الله لأن غيره أيضا متصف بالظهور كما قال (وأظهر منها ثلاثة) وهذا صريح في أن أحد هذه الثلاثة الظاهرة هو الله وأما الآخران فلا نعلمهما على الخصوص، ويحتمل أن يراد بهما الرحمن الرحيم، ويؤيده آخر الحديث كما سنشير إليه، واقترانهما مع الله في التسمية ورجوع سائر الأسماء الحسنى إلى هذه الثلاثة عند التأمل لأن بعض تلك الأسماء دل على المجد والثناء فهو تابع لله، وبعضها دل على إفاضة الوجود والخيرات الدنيوية فهو تابع للرحمن، وبعضها دل على إضافة الخيرات الاخروية فهو تابع للرحيم إلا أن عد الرحمن الرحيم في جملة ما يتفرع على الأركان ينافي هذا الاحتمال ولا يستقيم إلا بتكلف مذكور، وكأن العبارة كانت في نسخة بعض الأفاضل هكذا «فالظاهر هو الله تبارك وتعالى» فلذلك قال يعني، أن الظاهر ما يفهم من هذا اللفظ فأحدها: ما يفهم من لفظ الله وهو إله وثانيها: ما يفهم من لفظ تبارك وهو جواد وثالثها: ما يفهم من لفظ تعالى وهو أحد، وأنت خبير بأن هذا القول من باب الرجم بالغيب (2).

1 - قوله «أي الظاهر البالغ» هذا الكلام من الشارح ينافي ما سبق منه من أن الاسم الأول المشتمل على أربعة أجزاء هو الله ويؤكد مؤاخذة الحكيم السبزواري (قدس سره) عليه. (ش) 2 - قوله «من باب الرجم بالغيب» بعد ما اعترف الأعاظم بأن ما يذكرون في تأويل الحديث من باب الاحتمال لا على وجه التسجيل ينبغي أن لا يعترض على هذا القائل إذ المتيقن أنه مذكور من باب الاحتمال أيضا وبالجملة في تفسير قوله (عليه السلام) «الظاهر هو الله» وجوه الأول تفسير الشارح وهو أن الظاهر البالغ في الظهور من بين الثلاثة هو اسم الله واسمان غيره أيضا ظاهر أن لكن لا بذلك الظهور وهما الرحمن الرحيم.
الوجه الثاني: ما ذكره هذا الفاضل وهو أن الظاهر ثلاثة أسماء الأول: الله، والثاني: تبارك، والثالث: تعالى، الوجه الثالث: ما ذكره الحكيم السبزواري أخذا من صدر المتألهين أن المراد أن الظاهر هو الله تعالى في ثلاثة أسماء هي ظهورات له لا أن الله اسم من الثلاثة وعلى ذلك فشئ من الثلاثة الظاهرة غير مذكور. الرابع: ما يختلج بالبال وهو أن الظاهر هو الله تعالى يعني أن جميع الأسماء الظاهرة مجتمعة في هذا الاسم كأنه (عليه السلام) قال الاسم الأول على أربعة أجزاء واحد مكنون مخزون والثلاثة الباقية مجتمعة في اسم الله تعالى فإنه جامع للكمالات التي نتعقلها. (ش)
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست