شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٤
الاستعلام أو الإلزام بتشبيهه بالخلق.
(فقال أبو عبد الله (عليه السلام) نعم ولكن ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين) أي ليس رضاه وسخطه على المعنى الذي يوجد منهم (وذلك أن الرضا) من المخلوق (حال تدخل عليه فتنقله من حال إلى حال) في كتاب التوحيد للصدوق (رحمه الله) «وذلك أن الرضا والسخط دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال» وما ذكره (عليه السلام) من أن الرضا حال أو دخال مصرح به في الحكمة العملية ومبدؤه تصديق أحد بما يوافقه ويلائمه عند تصور كونه موافقا وملايما له وإذعانه بأن ما قضاه الله تعالى وقدره حق موافق للمصلحة وإن لم يعلم وجهها فانه إذا حصل له هذا التصديق والإذعان حصولا لا يعارضه الوهم والخيال ينفعل قلبه ويدخل فيه حالة راسخة وهيئة ثابتة فتنقله من حال الاهتزاز والاضطراب إلى وصف الاطمئنان والانقياد وهو يتلقى ما يرد عليه بالقبول ويرضى به وإن كان أمرا مستبشعا في بادي النظر، وقد أشار إليه (عليه السلام) إلى تعليل أن رضاء المخلوق حال مذكورة وأن ذلك يلائمه ولا يلائم ذاته وحقيقته بقوله:
(لأن المخلوق أجوف) (1) أي ذا جوف له مقدار بحسب البطون كالجسم أو خالي الداخل الذي فيه القلب، وجوف الإنسان وغيره بطنه (معتمل) اعتمل اضطرب في العمل لعل المراد أن في صنعه اضطرابا لبناء خلقته على امور متعادية متقاضية للافتراق، أو المراد أن له في عمل نفسه وإدراكاته وتحصيل كيفياته النفسانية اضطرابا وانقلابا من حال إلى حال (مركب) من أجزاء متباينة في الحقيقة متخالفة في الصورة والكيفية أو من ذات وصفات، ومن ثم قيل كل ممكن وإن كان بسيطا فهو مزدوج بالذات والوجود والصفات.

1 - «قوله أجوف» لا يجعل الشيء أجوف إلا لأن يكون وعاء لشيء يدخل فيه وابن آدم أجوف وجميع أعضاء بدنه وعاء لشيء يجري فيه حتى العروق والأعصاب وقوله معتمل أي شديد العمل فيأخذ كل عضو غذاءه ويحلله ويخرج فضله وهذا حياة البدن ومركب من أجزاء متباينة بنسبة معينة محدودة إذا قل بعض الأجزاء عن مقداره الطبيعي طلبه كالعطش يطلب به الماء أو زاد عنه طلب الدفع كالمني يطلب به الوقاع، وهذه الأمور الثلاثة سبب الرضا والغضب وليس لله تعالى مثل تلك.
فإن قيل ليس كل الرضا والغضب ناشئا من حالات البدن فقد يرضى ويسر الإنسان لكمال روحاني كالعلم والتقوى والتقرب إلى الله تعالى ويغضب لنقص روحاني في نفسه أو غيره كجهل ومعصية. قلنا عن ذلك جوابان: الأول: أن الأجوف أعم من النقص الجسماني والروحاني والاعتمال أعم من حركات البدن الحيوية وجهد النفس للوصول النفسانية.
الجواب الثاني: إنه ما من رضا روحاني أو غضب روحاني إلا ويؤثر في البدن كما يتأثر عن البدن لمكان ارتباطهما معا ولا يسمى رضا وغضبا في اللغة إلا باعتبار ظهوره في البدن والله منزه عنه. (ش)
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست